دمشق-سانا
تحية من قلبي إلى حلب ..إلى سورية الصامدة الأبية.. قالها الفنان والمطرب صفوان العابد ثم ركع على مسرح الأوبرا السورية مقبلاً الخشبة وسط عاصفة من تصفيق الجمهور الذي حضر حفله أمس في القاعة الرئيسية لدار الأسد للثقافة والفنون حيث أدى المطرب مع فرقته الموسيقية أجمل قدود وموشحات مدينة حلب متنقلاً بين مقامات البيات والسيكا والنهاوند بمهارة صوتية لافتة عانق من خلالها العابد أشجار الشام ومآذنها بقبلة حلبية طبعها على جبين مدينة الياسمين.
الحفل الذي استمر قرابة الساعتين وحضره وزير الثقافة عصام خليل ووزير السياحة بشر يازجي كان استثنائياً من جهة شموله لمعجم الطرب الحلبي الأصيل حيث افتتحته فرقة المطرب صفوان العابد بمقطوعة سماعي من مقام النهاوند للشيخ علي الدرويش أبرز شيوخ الطرب في مدينة الشهباء ليكون الجمهور بعدها على موعد مع وصلة ساحرة من موشحات الشيخ عمر البطش على مقام النهاوند حيث أدى الفنان العابد موشحاً بعنوان سبحان من صور حسنك إضافةً لموشحي قلت لما غاب عني وقم يا نديمي مستعيداً بذلك مجد الأغنية الحلبية وشهرتها العالمية في صياغة القوالب اللحنية المصقولة ذات العرب الصعبة.
الفرقة تابعت أداءها بوصلة قدود من مقام البيات ضمت خلاصة الشجن الحلبي وكان أبرزها “أول عشرة محبوبي..القراصية..السمرا الكحل..إن العيون السود..تلومني..يا صاح الصبر” حيث برع الفنان العابد في أداء هذه الفقرة مطرزاً بصوته الجمل الغنائية الأصلية لهذه الموشحات متكئاً في ذلك على معرفته الواسعة ودرايته في تنغيم الكلام وتعشيقه ضمن القالب اللحني الملائم لهذه المقطوعات الطربية الفخمة.
الذروة في الأداء الجماعي للموسيقيين والمطرب كانت مع وصلة موشحات أندلسية من مقام السيكا استطاع عبرها المغني العابد أن يلون صوتياً على أيقونات الطرب الأندلسي مستعيداً طرب العصور العربية في حاضرة الأمويين حيث أدى على التوالي موشحات..” جادك الغيث..يا غصن نقا..” ليعقبها بوصلة قدود من مقام الصبا إذ برع الفنان العابد بأداء كل من ..ياللي أمان..آه يا زماني..ما أسعدك صبحية..هلا هلا يا جملو..ماني يا حبيب ماني.
الأمسية لم تبخل على عشاق الطرب الأصيل فواصلت برنامجها الحافل بوصلة من أعمال الشيخ بكري الكردي كان أبرزها ..هام بليل الهوا..قصيدة ألقى الضحى..بالإضافة لأغنيتي ابعتلي جواب وطمني وكتر دلالك من مقام البيات لتكون مفاجأة الحفل مع أغنية آهين ماللي انكتب/ لنهاد نجار والتي ختم بها الفنان العابد كرنفاله الحلبي محيياً الجمهور وموجهاً سلامه لمدينته ولسورية المقاومة.
يذكر أن الفنان صفوان العابد من مواليد مدينة حلب 1962 المشهورة بطربها الأصيل حيث التزم منذ طفولته بالزوايا الصوفية وسماعه للغناء الروحي ليعتلي مبكراً مسرح دار الكتب الوطنية بحلب وهو لا يزال في السادسة من عمره محاطاً برعاية والدته التي كانت تملك حنجرة مميزة في أداء القدود والموشحات ليتتلمذ العابد بعدها على أيدي سلاطين الطرب الحلبي ومنهم عبد القادر حجار وعبد الرحمن مدلل ونديم درويش.
سامر إسماعيل