الشريط الإخباري

“تزيين الأسواق بتفصيل أشواق العشاق”.. العشق ليس حكرا على أهل الأدب

دمشق-سانا

يتضح من كتب التراث أن التأليف في العشق وأهله لم يكن حكرا على أهل الأدب والشعر بل ان العلماء والفقهاء مالوا إلى هذا النوع من التأليف ترويحا للنفس وجعلوه محطة استراحة تأنس بها أنفسهم وتتلذذ بها أرواحهم حيث نجد الفقهاء يمثلون النسبة الغالبة بين من أدلوا بدلوهم في هذا الموضوع.

ويبحث كتاب تزيين الاسواق بتفصيل أشواق العشاق للعلامة داود الانطاكي الضرير في الترغيب بالعشق والحث عليه وبيان مراتبه وما ورد في كيفية ترقيه وفي ذكر من فارقت روحه من الأحباب إضافة إلى من اشتهرت سيرته وفي من جهل اسمه أو اسم محبوبته ومن حظي بالتلاقي بعد تجرع كأس الفراق.

ويبين مقدم الكتاب باسل عيون السود أن الأنطاكي لجأ إلى هذا المعين الثري من التراث يستروح نفسه فيه إلى أن وقع على كتاب أسواق الأشواق للبقاعي الذي اختصره فهذبه وأسقط منه ما لم يره مناسبا وزاد على أصله فجاء عمله حسن الترتيب والتبويب وأخرجه بقالب جديد على خمسة أبواب وخاتمة تضم لطائف مع نكت متفرقة تتعلق بالعشق.

ويعد كتاب تزيين الأسواق تأريخا لأدب العشاق استمد المؤلف مادته من عدة مصادر ذكرها في ثنايا كتابه مثل لغة الاشفاق في ذكر أيام العشاق لابن رشيق وجلاء الاذهان في منتخب شعر قتلى الحسان ومنازل الأحباب للشهاب محمود ونديم المسامرة للمقدسي ونزهة المشتاق ونزهة النفوس وغيرها.

ويحفل الكتاب بنظرات نقدية وبلاغية إلى جانب الشروح اللغوية حيث جمع جيد القول وهزله وظرائف نكت العشق وأهله ودقيق اللفظ وجزله مما ينم عن مقدرة الانطاكي وتمكنه من علوم العربية أما الغاية من نشر المختار من تزيين الأسواق بحسب مؤلف الكتاب هي تعريف القراء والمثقفين بالكنوز الادبية التي سطرها أجدادنا وخاصة موضوع الحب الذي يعد من أنبل العواطف التي رددها الشعر العربي وبخاصة أننا مع تطور الحضارة وما نعيشه من ظروف بتنا احوج ما نكون الى الحب والالفة بعدما كادت تطحننا عجلة الحياة بما فيها من منغصات.

واستعرض الكاتب سير بعض الذين اشتهروا بالحب والعشق مثل مجنون ليلى وجميل بثينة وكثير عزة وقيس لبنى وعروة بن حزام وحبيبته عفراء وغيرهم إضافة إلى من جهل اسمه أو اسم محبوبته أو شيئا من سيرته أو مآل حقيقته وأشخاص أناخ بهم الحب ثقله حتى أذهب عقلهم ومنهم من منعه الزهد والعبادة ان يقضي من محبوبه مراده وغيرها.

يذكر أن العلامة داود بن عمر الانطاكي ولد ضريرا مقعدا منتصف القرن السادس عشر الميلادي بإحدى قرى انطاكية حيث تلقى تعليمه في علوم المنطق والرياضيات والطبيعيات واللغة اليونانية على يد محمد شريف الذي غرس فيه شغف الطب وحب العلم له العديد من المؤلفات في الطب والحكمة والمنطق والفلسفة والشعر والأدب وكتاب تزيين الأسواق بتفصيل أشواق العشاق من منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب ويقع في 270 صفحة من القطع المتوسط.

شذى حمود