بيروت-سانا
سلط الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين الضوء على الانهيار العملي والأخلاقي العميق في مخططات القوى الاستعمارية التي استهدفت سورية من خلال تحالف /إسرائيل/ مع فرنسا وأميركا ونظام آل سعود وتامرهم مع النظام التركي وإفلاس هذا المخطط مقابل صمود سورية والمناعة الأسطورية لشعبها وقيادتها وبطولات الجيش العربي السوري مشيرا إلى مواقف الشعوب الأوروبية وصحوة الكثير من مسؤوليها وتغيير سياساتهم بهدف استيعاب وامتصاص رد الفعل الدولي على الدور التركي والأوروبي والأميركي الهدام في تأجيج الأزمة في سورية.
وقال المقداد في مقال له لصحيفة البناء اللبنانية الصادرة اليوم إن سورية كشفت منذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب الإرهابية عليها بدعم إسرائيلي وأميركي وسعودي وأوروبي أهداف هذه القوى ورسمت استراتيجيتها لمواجهة هذه الحرب مبينا أن “سياسات قادة هذه الدول الاستعمارية قصيرة النظر والحاقدة في كثير من الأحيان أصبحت أكثر تصهيناً من بعض صهاينة /إسرائيل/”.
وأضاف المقداد “لا نذيع سرا إذا قلنا ان التحالف التركي والفرنسي والسعودي مع الإرهابيين لم يفاجئنا كثيرا فالنظام التركي لم يخف ايديولوجيته الدينية وولاءه للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين طيلة السنوات التي حاول أردوغان وداود أوغلو أن يعطيا الانطباع فيها بأنهما يراعيان مصالح الشعب السوري ورغبتهما بتعزيز العلاقات السورية التركية”.
وتابع المقداد “أما فرنسا وقياداتها التي أضاعت بوصلة العقل والتفكير فإن سياسات قادتها الاستعمارية وقصيرة النظر والحاقدة في كثير من الأحيان أو بالأحرى التي أصبحت أكثر تصهينا من بعض صهاينة /إسرائيل/ فإن ما أطلق عليه البعض سياسة /احتواء سورية/ أيام حكم جاك شيراك 1995-2007 أو خلفه نيكولاي ساركوزي 2007-2011 فقد وصلت جميعها إلى حائط مسدود وبالنتيجة الى الفشل الذريع.
وأوضح المقداد أن الأسباب الحقيقية للهجمة السعودية القطرية على سورية تعود للتبعية المطلقة من جانب النظامين السعودي والقطري للسياسات الغربية والصهيونية واستعدادها لتقديم خدمات مجانية للغرب و/إسرائيل/ لإثبات الولاء وضمان حماية الغرب لهذين النظامين مبينا أن هذه الهجمة تترنح الآن على يد أبطال الجيش العربي السوري والتفاف الشعب السوري خلف استراتيجيات قيادته لحاضر ومستقبل الشعب السوري وان ماعزز نجاح النهج السوري في إفشال الهجمة هو تفهم السوريين وقطاعات واسعة من الرأي العام العربي والعالمي وصناع الرأي العام لصحة منطلقات السياسة السورية وتأكيدها على أن الإرهاب الذي عانت منه سورية منذ الساعات الأولى لاندلاع الأعمال الإرهابية فيها في شهر آذار عام 2011 وحتى الآن سيمتد إلى دول المنطقة وماوراءها.
ولفت المقداد إلى وجود “انقلاب نسبي” في الموقف الدولي حول الأزمة في سورية مؤخرا وإلى أن ما يقود إلى هذا الاستنتاج هو الانهيار العملي والأخلاقي العميق في مخططات القوى التي استهدفت سورية وظهور إفلاس جلي من قبل أصحاب المخطط مقابل صمود سورية والمناعة الاسطورية لشعبها وقيادتها والبطولات التي سجلها جيشها موضحا أنه في هذا المجال “لابد من التطرق إلى ما أصبح واضحا في مواقف الشعوب الأوروبية وصحوة الكثير من مسؤوليها والسياسات التي بدؤوا في تغييرها إلا أننا في الحقيقة لا نعول كثيرا على ذلك حتى الآن”.
وقال المقداد “إن ما ينقله الكثير إلينا من المسؤولين الأوروبيين حول ما يدور في اجتماعاتهم سواء كان على مستوى القمة أو مستوى وزراء الخارجية جعل الصورة تظهر بوضوح من خلال ما نسمعه عن عزل المواقف المتشددة لبلدان داخل الاتحاد الأوروبي مثل الموقفين الفرنسي والبريطاني مقابل أصوات تعكس عقلانية الرؤية والتحليل لدى عدد كبير من ممثلي الدول الأخرى” موضحا أن الكلام الكثير الذي تحفل به الوثائق الصادرة عن هذه الاجتماعات يعكس عمليا قناعة هؤلاء بأن مواقفهم السابقة حول سورية كانت “حبلى بالأخطاء والتناقض وقصر النظر” وأن الرئيس أو الوزير الذي لا ينظر أبعد من أنفه ليس قائدا ولا مسؤولا كما هي الحال بالنسبة لقيادات في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة فهؤلاء القادة الذين “كابروا وكذبوا” على شعوبهم لفترة تزيد على أربعة أعوام يتحملون نتائج الإرهاب الذي ضرب بلدانهم دون رحمة.
وأشار المقداد إلى الضغوط التي مارسها السياسيون الأوروبيون على الأجهزة الأمنية الأوروبية والزامها بتنفيذ مؤامرات واعتماد إجراءات تتناقض مع مصالح الشعوب الأوروبية لتلبية سياسات نابعة من “أبعاد شخصية” تخدم “أجندات انتخابية” أو “شعبوية على المدى القصير” إلا أنها تضر بمصالح هذه البلدان على المدى المتوسط وعلى المدى البعيد.
وجدد المقداد تأكيد سورية على الدور الخطير الذي قامت به بعض الحكومات والاستخبارات الأوروبية في تعزيز آلة القتل والتدمير الإرهابية في سورية وهو ما أكدته الاستخبارات الأميركية بوصول ما يزيد على عشرين ألفا من الإرهابيين الأجانب من تسعين بلدا من العالم إلى سورية مؤخرا مبينا أنه من غير الممكن أن تقوم تركيا بتمرير كل هؤلاء الإرهابيين إلى سورية من دون علم وموافقة بعض أجهزة الاستخبارات الغربية وبخاصة منها الأميركية والفرنسية.
وأوضح المقداد أن الفضيحة الكبرى المعلنة هي تهريب تركيا للإرهابية الفرنسية حياة بو مدين عبر الحدود التركية إلى سورية قبيل ارتكاب جريمة باريس مبينا أنه لم يعد ممكناً بالنسبة للدول الأوروبية إنكار الدور الإرهابي الذي مارسه نظام رجب طيب أردوغان في تمرير عشرات الآلاف من الإرهابيين إلى سورية وهو ما ذكرته المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من” أن تركيا تمثل محطة ترانزيت لتدفق مقاتلي /داعش/ إلى العراق وسورية” وإعلان رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس من أن “هناك ما يقارب 1900 شخص تم تحديد هويتهم، سواءً كانوا فرنسيين أو مقيمين في فرنسا على علاقة بالشبكات الإرهابية”.
وبين المقداد أن “ما يثبت تواطؤ فرنسا سياسيين وأمنيين مع الإرهاب هو أنهم أغمضوا أعينهم عن الإرهاب والإرهابيين طيلة أربع سنوات طالما أنه كان يضرب سورية وصحوا فقط عندما عادت طيور الظلام إلى أعشاشها في باريس وغيرها” كاشفا من جهة أخرى عن أن دور النظام التركي في قتل السوريين يبقى “الأكثر دناءة وانحطاطاً وإرهاباً” وانعكس أيضاً خطراً على أوروبا والعالم.
ولفت المقداد إلى اعترافات الناطق باسم الخارجية التركية المدعو تانجو بيلفيج حول عدد المقاتلين الأجانب المحتمل عبورهم إلى سورية وتسجيل زيادة تقدر بنحو الفي شخص منذ الأسبوع الفائت وحتى الآن “ووجود قرابة 15 ألف مقاتل أجنبي في سورية” مشيرا إلى اعترافات بعض من تم اعتقاله في تركيا بأنه كان ينقل السلاح إلى الإرهابيين بالتعاون مع الاستخبارات التركية قبل بدء الأزمة فيها وقال “إن تتالي الاعترافات التركية وغيرها لا يعني أن يد العدالة لن تطاولهم”.
وختم المقداد مقاله بالقول “إن الإرهاب و/إسرائيل/ اسم واحد لما تشهده منطقتنا من دمار ومعاناة وما تحالف /إسرائيل/ المكشوف مع /جبهة النصرة/ وما يسمى /الجيش الحر/ والتشكيلات المتأسلمة الأخرى إلا أعمال إرهابية أصبحت عارية لن تغطيها أشجار التوت وأوراقها في كل العالم”.