نصير شورى سيمفونية اللون.. آخر ما جاد به قلم الناقد الراحل طارق الشريف

دمشق-سانا

عندما يكتب ناقد من الصف الأول بمستوى طارق الشريف عن فنان تشكيلي رائد بحجم نصير شورى سنكون حينها أمام نتاج معرفي وتوثيقي في آن معاً كما في الإصدار الذي نشرته الهيئة العامة السورية للكتاب تحت عنوان (نصير شورى سيمفونية الألوان).

هذا الكتاب هو آخر ما خطته يمين الناقد الشريف قبل رحيله سنة 2013 ليجيء الاحتفال بمرور مئة عام على ولادة الفنان شورى 1920-1992 فرصة لكي يبصر هذا المخطوط النور ويكون ثاني إصدارات الاحتفالية بعد كتاب مئوية شورى للناقد سعد القاسم.

ويبدأ الشريف كتابه الذي جاء من ثلاثة فصول في 95 صفحة من القطع الكبير من موهبة شورى الفطرية والتي ترجع إلى طفولته الأولى لأنه رسم إحدى لوحاته وهو في الخامسة من عمره واستأثرت باهتمام كل من شاهدها.

وتحدث الشريف عن حب شورى للطبيعة وتأثره بالمشاهد الساحرة التي رآها في طفولته وما في الطبيعة من جمال وما في البيت القديم من تراث أغنيا عالمه الداخلي برؤى مختلفة وخيالات لا تنسى ما جعله يفضل الطبيعة على من عداها.

وحول ميل شورى للانطباعية وجد الشريف أن ذلك تحقق بفضل احتكاكه برواد الانطباعية في بلادنا ولا سيما الفنان جورج بول الخوري الذي عمل مدرساً للفنون الجميلة في المرحلة الإعدادية إضافة إلى تعرفه على فنانين انطباعيين آخرين رسموا موضوعاتهم في الطبيعة ولا سيما ميشيل كرشه الذي ترافق معه في جولات عديدة للرسم.

وعرض الشريف لعلاقة شورى مع غيره من رواد الفن الأوائل ومشاركته إياهم في معارض عديدة في المتحف الوطني سنة 1936 ومعهد باسل الأسد (الحرية سابقاً) 1938 ومساهمته في التأسيس لمرسم فني حمل اسم تجمع فيرونيز ضم عدنان جباصيني وعزة زمريق ومحمود حماد وغيرهم.

وخص الشريف لدراسة شورى بالقاهرة باباً كاملاً مبيناً أنه خلال دراسته في كلية الفنون هناك تعرف على بعض الفنانين الانطباعيين المهمين وفي مقدمتهم يوسف كامل معتبراً أن هذه المرحلة الدراسية من أهم مراحل تكوين شخصيته الفنية وتطوير موهبته ورفدها بالخبرات.

وقسم الشريف بصورة كلاسيكية مرحلة التجديد والتأصيل عند شورى إلى ثلاث مراحل من الوجوه الشخصية وسعى فيها إلى الوصول لأعماق الشخص لتقديم معان عميقة متوقفاً عند لوحته غلام بائس سنة 1944 حيث تعمد تقديم الوجه بأسلوب تعبيري يعكس البؤس إلى التكوينات الإنسانية التي كشفت تميزه في موضوع اللون والمضمون الإنساني مع لوحته صانع الفخار سنة 1946 إلى المناظر الطبيعية.

وحدد الشريف أسباب انتقال شورى إلى التجريد لأنه استنفذ كل الأشكال الفنية التقليدية مستخدماً في ذلك لغة خاصة لها صلة بالطبيعة ومشاهدها وتقديم ما بينها من علاقات من أجل التناغم الموسيقي للألوان كما في لوحته تكوين تجريدي رقم 1.

واختتم الشريف كتابه بملحق للصور ضم 39 لوحة رسمه الشريف بمراحل مختلفة من حياته وغلب عليها المناظر الطبيعية والبورتريهات.

سامر الشغري