دمشق-سانا
أخذ العرض المسرحي بعنوان (تجربة أداء) (كاستينغ) جمهور مسرح القباني إلى عوالم إنسانية متعددة عبر تركيبة درامية قدمها الكاتب والمخرج سامر محمد اسماعيل وصاغها بطريقة بصرية وخلطة مسرحية سينمائية مصقولة بالدهشة والامتاع.
واعتمد العرض الذي أنتجه المسرح القومي مديرية المسارح والموسيقا عبر ساعة وربع الساعة من الزمن على أداء الممثلين بشكل أساسي ومدى قدرتهم على تقمص مختلف حالات العرض الانسانية على كثرتها متكئين على التناغم الكبير بينهم انطلاقا من النص المعني بأدق التفاصيل.
وعن الذهنية التي انطلق منها صانع العرض اسماعيل قال في تصريح لـ سانا “حاولنا من تجربة أداء أن نقدم لعبة شيقة لا تكشف عن نفسها إلا في اللحظات الأخيرة مع ابتعادنا عن المتوقع ومقاربة فن السينما ضمن الشرط الفني المسرحي والاعتماد على الممثل الذي اعتبره حجر أساس العرض المسرحي” مبيناً أن الممثلين وفريق العمل قدموا جهوداً كبيرة حتى خرج العرض بصيغته النهائية.
وعن مدى قابلية المسرح للخلط بين الفنون أوضح اسماعيل أن الفن ليس له وصفة محددة والمخيلة هي آخر حصون العقل لذلك جاء العرض مدافعاً عن مخيلة الجمهور التي تعرضت لضخ تلفزيوني غزير خلال الفترة الماضية لافتاً إلى أن العرض قدم محاولة فنية فيها الكثير من التجريب ضمن القالب الكلاسيكي الواقعي.
الممثل عامر علي جسد شخصية جهاد وهو مخرج سينمائي يتضح في النهاية أنه مصاب بانفصام نفسي وهذه الثيمة التي اعتمد عليها العرض في مقارباته وخيالاته فكانت شخصية مركبة قدمها بكثير من الاحترافية والأداء المتمكن لتشكل بالنسبة له فرصة للعودة إلى المسرح بعد انقطاع لسنوات بسبب عمله في التلفزيون والسينما.
وعن هذه العودة للمسرح قال علي “كوني خريج المعهد العالي للفنون المسرحية أجد أن الخشبة هي الامتحان الأساسي لأي ممثل بالدرجة الأولى وكنت طيلة السنوات الماضية أبحث عن عرض جيد يعيدني إلى هذا العالم” معتبراً أن العمل في المسرح يرضي غرور الفنان بعيداً عن الشهرة والمردود المادي اللذين يحققهما العمل في التلفزيون أو السينما.
ووصف علي النص بالساحر لأنه يقدم خلطة مسرحية سينمائية خاصة مع طريقة بناء درامية صعبة وممتعة مشيراً إلى أن الشخصية التي قدمها امتلكت خصوصية وهي صعبة في الأداء وتم العمل عليها بوقت قياسي ما تطلب عملاً دائماً وجهداً كبيراً من فريق العمل حتى صار العرض هاجساً ومشروع حياة بالنسبة له ليثبت موهبته ويعيد الشغف الفني لروحه والثقة بإمكاناته.
الممثلة الشابة دلع نادر التي كانت على قدر عال من الأداء والموهبة واستطاعت أن تعلن عن حضورها الفني القوي لم تكن تتوقع أن يكون المسرح أول مشاركة لها بعد تخرجها هذا العام من قسم التمثيل في معهد الفنون المسرحية من خلال أدائها لشخصية جوليا المركبة والصعبة فكانت المحرك لإيقاع العرض.
وقالت دلع “جذبني نص تجربة أداء لأنه كان قوياً وشخصية جوليا التي أديتها وجدتها تمس شريحة الفتيات في مجتمعنا خاصة اللواتي يمتلكن أحلاماً ويسعين لتحقيقها ولا يتمكن من ذلك” مبينة أن العرض شكل لها تجربة ممتعة وأنها ستستفيد من أدائها لهذه الشخصية في خطواتها الفنية القادمة.
الممثلة مجد نعيم جسدت دور زوجة المخرج والتي تظهر في المشهد النهائي استطاعت من خلال هذه الإطلالة على صغر حجمها أن تكمل الحالة الدرامية بأدائها المتمكن وإحساسها القوي وأوضحت أنها عندما قرأت النص أعجبت به وتحمست للمشاركة في العرض لأنها تؤمن بعدم انقطاع الممثل عن العمل في المسرح حتى يجدد أدواته وشغفه ولا سيما عند وجود النص الجيد.
وفي بطاقة العرض المستمر حتى الـ 15 من الشهر الجاري جاء أدهم سفر في السينوغرافيا وطارق عدوان مادة فيلمية ومحمد كامل في الديكور وتصميم الأقنعة وسهى العلي في الأزياء والميكاج ورامي الضلي في التأليف الموسيقي وبسام بدر مخرج مساعد ومصمم الأفيش البروشور وأيهم مؤمنة في الرسم الحركي وخوشناف ظاظا مساعد مخرج وإياد العساودة في تنفيذ الصوت ومحمد قطان في تنفيذ التقنيات وزين العابدين حبيب في ملاحقة فولو ويوسف النوري مدير منصة وهيثم مهاوش مشرف ملابس وعلي النوري مشرف إكسسوار.
محمد سمير طحان