من المثير للاستغراب أن تتساءل بعض الصحف الغربية عن مصادر تمويل تنظيم «داعش» الإرهابي، وكيف يتم هذا التمويل، ومَنْ يعمل على تغذيته وتقويته، ولماذا ومتى ستنضب منابع دعمه؟ رغم أن كل ما يتعلق بهذا التنظيم الإرهابي واضح ومكشوف علناً، ولاسيما من حيث الدول الصانعة له والداعمة والممولة لإرهابه.
ربما يكون الأمر مجرد تساؤل، أو هو تساؤل العارف بعد تفاقم أعمال هذا التنظيم الإجرامية وتغوّله وتمدّده… وبعدما رأى الغرب بأمّ عينه ما آلت إليه سياسته الداعمة للإرهاب تحت مسمّى «تسليح المعارضة المعتدلة» في سورية، هذه المعارضة التي ما هي في الحقيقة إلا مجموعة من القتلة المجرمين، وها هو اعتدالها يظهر في استهدافها للمدنيين والعسكريين بالقذائف والصواريخ وسفك دماء الأبرياء، وهدم البنى التحتية… وهنا يأخذ التساؤل ألف معنى ومعنى عن أهداف مَنْ يغذي هذه الجماعات التكفيرية بمختلف تسمياتها وأنواعها؟ وهل تحمل جعب الإرهاب المزيد والمزيد ما دام الهدف الوحشي الإرهابي واحداً؟.
ولم يعد التساؤل مجدياً عن المصدر الذي يأتي منه هؤلاء الإرهابيون بالتمويل، ولاسيما بعدما مكّنهم أسيادهم من السطو على المقدرات النفطية للدول المستهدفة وسرقتها علناً في وضح النهار، والشاري جاهز ليشتري منهم النفط الخام ويعيده إليهم أسلحةً متطورةً جاهزةً لقتل المدنيين.
إن أجندة الأهداف التي يريدها الغرب، وفي المقدمة أمريكا، من هذه المنطقة لم ولن تتغير، وما كنا نقوله منذ أربع سنوات عن المشروع التقسيمي المراد للمنطقة، ما زلنا مصرين عليه، فالمشروع مازال قائماً، وإن بطرق وبسيناريوهات مختلفة، ومَنْ ينظر ويرصد ما يجري في المنطقة من أحداثٍ يجد أن الأهداف مازالت حيّةً، وما زالت موضوعةً على الطاولة الأمريكية- الاسرائيلية، حتى وإن شاهد هذا العدو تقلّّب السيناريوهات واشتدادها في مكان وضعفها في مكان آخر لكن النتيجة واحدة، وهي أن ثمة سعياً وإصراراً على تنفيذها.
وهنا يبرز التساؤل عن معنى السعي نحو إيجاد الحلول ما دام هناك غرب ارهابي يعمل على عرقلة هذه الحلول، وما الأوامر التي صدرت للتنظيمات المسلحة «المعتدلة.!!» باستهداف المدن والأحياء إلا حجر عثرة ووضع للعصي أمام عجلات أي حلّ فعلي للأزمة، فمن اتخذ على عاتقه هدم المدن والأحياء، وضرب بنى الدولة التحتية، واستهداف الجيش لإضعافه لن يتراجع عن تنفيذ هدفه، مهما بدت الحلول في المقدمة مغلّفة بالرؤى والأهداف التي تريد وقف الدمار من خلال مكافحة الإرهاب، الأولوية الخالصة في أي حل يراد النقاش فيه.
فالأردن مثلاً الذي اكتوى بنسبة عشرية الألف من الإرهاب لم يتوقف يوماً عن أن يكون ممراً للإرهابيين والإرهاب الذي كوى بنسبة مئة في المئة سورية وأبناءها… ومازال الأردن يحبو ضمن المشروع الصهيو – أميركي على الرغم من كل ما يصدر عنه من تصريحات طنانة رنانة عن مواجهة «داعش» الذي شارك هو نفسه في تدعيم قدرته وتسهيل مهمته في المنطقة مع البيت الأبيض و«إسرائيل» الكيان الاحتلالي الغاصب، ومثله السعودية التي مازالت سائرةً على النهج ذاته، أي دعم الإرهاب، رغم الانقلاب الجذري في الحكم، وذلك كله لأن السيد الأميركي واحد بالنسبة لكل هذه الدول المشاركة في مؤامرة الأهداف المسقطة.
صحيح أن القوة المقاومة السورية، ومعها أصحاب المبادئ الأخلاقية، فرملت مشروع التقسيم، ولكن الحلّ يكمن في التفاصيل التي على منظمات مجلس الأمن والأمم المتحدة أن تراها، وتتخذ الإجراءات الواضحة لإدانة مسلسل الإجرام الإرهابي الذي تعيشه سورية، فيما العالم المتحضّر يقف متفرجاً، بعد نفخه عالم التكفير والإرهاب، ولم يعد باستطاعته تنفيسه بعد أن ترك لمواطنيه حرية الانضمام له، فصارت «داعش» متعددة الجنسيات… تخطو بإمرة الغرب الصانع، لكنها تتداعى تحت أقدام الجيش العربي السوري، والمعركة ستطول، بأبعادها الاقتصادية، والمجتمعية، والسياسية… لكن الشعب العربي السوري القادر على تحمّل مصائب عالم الإرهاب يقف بالمرصاد، ويشدّ الأحزمة تحت راية القائد العادلة والمدافعة عن الأرض والعرض.
بقلم: رغداء مارديني