درعا-سانا
الجاهة العشائرية من الطقوس والأعراف الاجتماعية التي توارثها الأبناء عن الآباء و الأجداد بغية إصلاح ذات البين و تحقيق الأمن الاجتماعي لكافة أفراد المجتمع.
وتتكون الجاهة من مجموعة أشخاص ينتمون إلى شرائح اجتماعية مختلفة ومعروفين بسدادة الراي والحكمة و الصبر وتمتعهم باحترام الناس والتروي في معالجة المشكلات حيث تظهر الحاجة للجاهات في مناسبات الافراح وحالات القتل الخطا كحوادث السير والاختلاف بين العائلات وغيرها من الأمور التي تحتاج إلى اصلاح ذات البين بما يحقق زيادة المحبة والتوافق بين الناس.
ويسعى الوجهاء حسب أحد كبار السن سامي المنصور الى حل وسط ومرض للطرفين من خلال السعي الحثيث والتواصل الدائم مع أفراد القضية على حساب وقتهم وعملهم وعوائلهم لتقليل الخسائر وتقريب وجهات النظر بين المتخاصمين مع التركيز على النقاط الايجابية والابتعاد عن السلبيات مبينا ان حل المشكلة في النهاية يقع لاحترام الطرفين لهوءلاء الأشخاص تحت عنوان المونة.
ويضيف أن الجاهة العشائرية تعتبر قانونا غير مكتوب تراعي العادات والتقاليد وطبيعة المشكلات الخاصة بالمجتمع الحوراني والتي لا تعالجها القوانين المدنية والجزائية المكتوبة موضحا أن حلول الجاهة تاتي دائما منسجمة مع المجتمع وأخلاقياته وعاداته النبيلة التي تربى عليها الجيل.
ويرى ابراهيم الحوراني احد الباحثين في مجال التراث أن الجاهة تستعمل للدلالة على جماعة من الوجهاء يسعون بالخير ويطلبون في مناسبات اجتماعية خاصة كالاصلاح بين الناس والخطبة او الزواج مبينا أن الجاهة تبقى من الموروثات الايجابية ذات المدلول الاجتماعي الكبير لدورها في زيادة محبة وتوافق الناس.
ويضيف أن الجاهة عندما تتوجه إلى أي مناسبة يجلس في المقدمة الرجال ذوو الشأن لان وجودهم له معنى كبير و حضورهم يعطي الثقل للمناسبة ويضع اصحاب القضية في حيرة بين الاستجابة للجاهة أو المطالبة بالحق او رفع الظلم الواقع.
وللجاهة دور كبير من الناحية الاجتماعية والقانونية والتربوية وبهذا المجال يرى المختار علي فيصل ان للجاهة دورا كبيرا من الناحية الاجتماعية والقانونية والتربوية وخاصة في مجتمعنا الذي يتسم ويرتبط بالعادات الراسخة منذ مئات السنين مبينا أن للجاهات حضورا كبيرا و يسمى اصحابها بالجماعة الكامنةلأنها تتكون عند الحاجة ولها مخطط اجتماعي معروف مسبق.
ويضيف أن دور الجاهة الاجتماعي يتمثل بإيصال الحق لصاحبه وتقريب وجهات النظر بين الاطراف المتنازعة وحسب العادات والتقاليد حيث انها تتعامل مع الكثير من القضايا المختلفة وصولا إلى حل المشكلة وهنا يكمن دورها في مساندة القانون والقضاء في حل الاشكال واصلاح ذات البين من خلال حل المشكلة قبل وصولها الى القضاء الامر الذي يخفف من العبء على القاضي ويوفر الجهد والوقت والمال على المتخاصمين.
وقال أحد المهتمين بالتراث غالب العاسمي ان الجاهة لا تتوقف عند فنجان القهوة بل تتعداه الى علم والمام وخبرة اجتماعية عريقة ورسوخ في معرفة القوانين العشائرية وفق مصطلحاتها وتحليل رموزها اضافة إلى كثير من المؤهلات الوجاهية الشكلية مبينا ان الجاهة قبل الطلب وخاصة في أمور الخطبة تقدم القهوة إلى أحد أفرادها الذي يجلس في الميمنة فيضع الفنجان عارضا طلبه وعند التلبية يشرب هو ويتبعه باقي افراد الجاهة ولا تخلو جاهات الخطبة من عرض مزايا الطرفين أهل الخاطب واهل المخطوبة ووجهات التقارب في الحسب والنسب والمال والمؤهل الدراسي و بعض الأمور التي تخص السكن والمعيشة وغيرها.
قاسم المقداد