دمشق-سانا
يمثل المنجز الإبداعي عند ملك حاج عبيد إحدى التجارب المهمة في الحراك النسائي الأدبي السوري الحالي بتنوعها وبتناولها لقضايا الإنسان عموماً ولا سيما المرأة وهمومها في المجتمعات العربية عموماً.
ملك التي صدر أول أعمالها عن اتحاد الكتاب العرب عام 1983 تجد خلال حديث مع سانا أن الأدب السردي أخذ دوره في أيامنا هذه وتقدم على الشعر الذي انفلت من قيوده وكثر عدد كتابه ممن استسهلوا نظم القصيدة.
ورغم أن ملك لا تنفي وجود شعراء مبدعين مازالوا يضيئون الدرب بقصائدهم إلا أنها ترى أن غزارة عدد القاصين جعلتنا نجد فيهم الكثير الجيد الذي يبهرنا بكتاباته ويستمر في رصد قضايا مجتمعه أدبياً دون كثير اهتمام بانشغال الناس عن أمور السرد والشعر والثقافة بصورة عامة إلى أمور المعيشة.
وتقارن مؤلفة رواية (دفاتر البحر) بين القصة والرواية فتوضح أن القصة القصيرة لا تأخذ وقتاً طويلاً في قراءتها وهذه حجة نافدي الصبر سريعي الملل إلا أن قراءة الرواية أمتع من حيث انفساحها الزماني والمكاني وتتبع مصائر شخصياتها.
والزمان والمكان وفقاً لـ ملك يكونان متسعين في الرواية ومحدودين في القصة القصيرة أما الحدث فيتكون من خلال الشخصيات وتصرفاتها وتفاعلها مع العالم الخارجي وانعكاس ذلك على عالمها الداخلي ومن حوارها مع الآخرين.
وتعتبر ملك أن شهرة الكاتب تقوم على رواياته لا على قصصه لذلك أصبحت الرواية أكثر جذباً للقارئ الذي برأيها عندما يقف أمام واجهة مكتبة يفضل شراء الرواية على شراء المجموعة القصصية.
ولكن ملك ترى نفسها حالياً في عالم الرواية بينما كانت القصة القصيرة في الماضي هي الأقرب إليها لذلك كتبت ست مجموعات حيث كان تفاعلها مع الآخرين أقوى مما هو الآن لأنها كانت على رأس عملها تخالط الناس وتسمع قصصهم وتأخذ من تجاربهم ولكن بعد تقاعدها صارت أقرب إلى التأمل والتفكير وأصبح لديها المتسع من الوقت للكتابة وهذا ما تحتاجه الرواية.
وعن رأيها في القصة القصيرة جداً تعرب عن اعتقادها بأنها أدب حقيقي بما فيها من حدث محدد له نهاية مفاجئة أشبه ما تكون بوخزة تنبهنا إلى فكرة ذات دلالة عميقة ولكن ليس كل من كتب قصة قصيرة جداً نجح في كتابتها فهناك قصص قصيرة جداً تأخذ شكل فكرة عائمة لا بداية لها ولا نهاية مشيرة إلى أن القصة القصيرة جداً وغيرها من الفنون المحدثة لن تغني عن قراءة روائع القصص والروايات.
وحول حضور الحرب على سورية في النتاج الأدبي المعاصر ترى ملك أن ما جرى في بلادنا يحتاج إلى زمن طويل حتى يكتب عنه معتبرة أن الشعر أسرع تلبية للأحداث تليه القصة القصيرة أما الرواية فتحتاج إلى فترة من الزمن حتى تتضح الرؤية وتكتسي الشخصيات لحماً ودماً لأن التسرع وتجسيد الفكرة بصورة مباشرة يقتلان الفن.
ملك التي تؤكد أنها لم تطلع على كل ما صدر من روايات في سنوات الحرب تتوقف عند رواية (طابقان في عدرا العمالية) لصفوان ابراهيم والتي تولدت من حرارة التجربة وجعلتها عملاً يرقى إلى الأدب الإنساني وجماله.
وتؤمن ملك أن الأديب لا يكتب لنفسه وإنما لكي يقرأه أو يسمعه الآخرون ولأنه محب للوقوف على المنبر أو لإصدار كتاب فهو يرغب أن يرى صدى نتاجه عند المتلقي مشيرة إلى أن الانسان بصورة عامة يحب الشهرة فكيف بالأديب المكتنز فكراً.
وتدعو ملك الكتاب الشباب إلى ألا يستعجلوا الشهرة ولا يبادروا إلى النشر قبل أن يمتلكوا أدواتهم الفنية الأسس البنيوية للرواية والقصة القصيرة وهي الزمان والمكان والشخصيات والحدث واللغة.
يشار إلى أن ملك حاج عبيد عضو اتحاد الكتاب العرب حاصلة على إجازة جامعية في الأدب العربي، عملت معلمة في سورية والكويت، صدر لها كتب عديدة منها (عرس القطط) و(الأميرة النائمة) في قصص الأطفال و(الخروج من دائرة الانتظار) في الرواية.
محمد خالد الخضر