دمشق-سانا
أقامت نقابة الفنانين بالتعاون مع المطرانية المارونية في دمشق ووزارة الثقافة مساء اليوم حفلاً تأبينيا للفنانة العربية الكبيرة الراحلة صباح بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاتها وذلك على مدرج مكتبة الأسد بدمشق بحضور حشد من الفنانين والمثقفين والإعلاميين.
وبدأ حفل التأبين بعرض فيلم وثائقي عن حياة الأسطورة صباح تضمن سيرة ذاتية عن حياتها ومسيرتها الفنية الغنية بالمواقف والعطاءات الى جانب استذكار لأجمل ما غنت ولاسيما لسورية مثل أغنية “سورية كبيرة وقلبها كبير وبتساع الدنيا كلها” وبعض من مسرحياتها الغنائية وأفلامها السينمائية التي وصلت من خلالها لشهرة واسعة في كل أصقاع الأرض حيث غنت بأربع لغات وفي أرشيفها أكثر من أربعة آلاف أغنية وسبع وعشرين مسرحية وثلاثة وثمانين فيلماً وأكثر من أربعين استعراضاً فنياً غنائياً.
وقال وزير الثقافة عصام خليل في كلمته هنا في دمشق عاصمة الصباح سيبقى حفيف غنائك عالقاً في ذاكرة الأغصان وأفكار العشب كما يعلق العطر في ضفائر الصبايا.
وأضاف وزير الثقافة كعادتها سورية تحتفي بكل ما هو مميز وتحتضن الابداع والمبدعين ونحن في ذكرى رحيل الفنانة صباح نستعيد واحدة من التجارب الشامخة في تاريخ الإبداع العربي فنحن كبرنا على صوتها و إيقاع أغانيها التي كانت ترافق الجميع في كل سهراتهم وأحلامهم وطموحاتهم ومثلت جزءا كبيرا من الوجدان في أغانيها المتميزة وتمكنت من ان تجمع العرب على ايقاع صوتها وهي تمثل دائما علامة فارقة في تاريخ يفتقد لقامات شامخة في الغناء والفن العربي.
وقال الأب مارون توما في كلمة نيابة عن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي أدت صباح رسالة زرع الفرح في قلوب الجماهير من خلال ما قدمت عبر مسيرتها الفنية الحافلة والغنية وكانت ابتسامتها الدائمة تعبر عن حبها للحياة واحترامها للغير وللكلمة الحلوة واللطيفة فزرعت الفرح في قلوب الفقراء والمحتاجين وساهمت في أعمال خيرية كثيرة من خلال إقامة الحفلات المجانية.
وأضاف توما أن ما فعلته صباح في كل مراحل حياتها جعل منها فنانة كبيرة بلغت ذروة المجد في لبنان والوطن العربي والعالم فغنت وأطربت ومثلت على مختلف المسارح وأسرت القلوب وساهمت في نهضة المدرسة الغنائية المصرية في القرن العشرين وفي نهضة المدرسة الموسيقية اللبنانية الغنائية المشرقية .
أما الفنان زهير رمضان نقيب الفنانين فأوضح في كلمة للنقابة أن الأسطورة الشحرورة صباح رحلت عنا ولم ترحل لأنها ساكنة فينا فرحاً ومسرة فملأت الدنيا وشغلت الناس في حياتها ومماتها وكانت السباقة دائما للبسمة والفرح ابنة البساطة التي تحدثت بخمس لغات وأهمها لغة المحبة فغنت للأرض المقدسة وللفرح وللإنسان والوطن وغنت لسورية ولشعبها.
وقال رمضان إن الراحلة الكبيرة تلقت كل الاهتمام والدعم خلال مسيرتها الفنية وحتى آخر أيام حياتها من سورية فأحبت الشعب السوري الذي بادلها الحب بالحب والوفاء بالوفاء مبيناً أن سورية اليوم تكرم صباح في مناسبة أربعين رحيلها لدورها الكبير في إرساء وإغناء المكتبة الموسيقية العربية ودورها الإنساني فاستحقت بجدارة لقب أيقونة الفن العربي.
بدوره الموسيقار سهيل عرفة ألقى كلمة أصدقاء الفقيدة وقال فيها عرفت صباح أميرة للغناء العربي وللسينما والمسرح وكان لديها الحب والطاقة اللذين مكناها من تقديم عدد كبير من الأفلام المصرية واللبنانية والسورية إضافة الى العديد من المسرحيات الغنائية والاستعراضية مبيناً أن للشحرورة أرشيفا كبيرا من اللقاءات الإذاعية والتلفزيونية.
وأضاف عرفة كنت سعيداً بالتعاون مع هذه القامة الكبيرة فقمت بتلحين عدد من أغانيها التي لاقت نجاحا كبيرا ومنها أغنية “ع البساطة” التي اعتبرها النقاد الفنيون المصريون آنذاك قنبلة فنية بالتعبير الدارج كما عرفت الصبوحة بمواقفها الإنسانية الكبيرة والشجاعة وكرمها واخلاقها العالية والنبيلة مشيراً إلى أن حياة الصبوحة كانت استثنائية بكل تفاصيلها.
وقال الاكليريكي فراس حكوم في كلمة ذوي الفقيدة جئنا من بلد الأرز الى بلد الياسمين لنكرم فنانة أسعدتنا طوال ثمانين سنة بالمحبة الصافية والفرح المستمر مبيناً أن اسم صباح يلغي كل الالقاب ويختصر تاريخاً عريقاً من العصر الذهبي للفن الراقي وزمن العمالقة الذي لن يتكرر.
وأوضح حكوم أن من دمشق التي عاشت فيها صباح بضع سنوات كان لها انطلاقة مميزة كما من لبنان ومصر فغنت على مسرح أضواء المدينة مع عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش أيام الوحدة بين سورية ومصر ومن دمشق هتفت “من المسكي لسوق الحميدية” و”آخد قلبي سكارسة من الشام لبيروت” ومن حلب صدحت “سورية كبيرة وقلبها كبير” ومن حماة تذوقت “حموي يا مشمش” ومن حمص تدلعت “أنا الستوتة” ومن اللاذقية صرخت “جاية ع أرض المحبة” ومن طرطوس تلألأت “أيام اللولو” ومن الحسكة والقامشلي نادت “بياع التفاح” وإلى مدرج بصرى والقنيطرة وأرض الجولان وأروع الحفلات في أرض فلسطين ومن سورية الى العالم أجمع قالت ع البساطة البساطة من ألحان الموسيقار الكبير سهيل عرفة .
وأضاف حكوم مع صباح انطلق أول فيلم سينمائي سوري بمشاركة الفنان القدير والكبير دريد لحام والراحلين نهاد قلعي و فهد بلان وبعدها مثلت عدة أفلام وأحدثت ظاهرة جميلة في مسار السينما السورية التي ولدت معها وكانت تحب جميع الفنانين في سورية دون استثناء حيث عملت مع العمالقة منهم فارتبطوا معها بصداقة ومودة كبيرة.
وقال الفنان الكبير دريد لحام في تصريح لـ سانا جمعني مع الفنانة الراحلة صباح فيلم عقد اللولو عام 1964 وكنت في غاية السعادة لمشاركتي معها في أول ظهور سينمائي لي وهذا يدل على رقيها وتواضعها مبيناً أنه تعامل معها في بعض الحفلات في ذاك الوقت لصالح التلفزيون السوري .
وأضاف لحام ان الفنانة صباح كانت محبة لسورية ولم تتأخر يوماً عن أي حفل تدعى لإحيائه وبالإضافة لفنها الجميل كانت تتميز بحضورها الراقي وابتسامتها الدائمة وكرمها وتواضعها فهي إنسانة تقف الى جانب أي أحد بحاجة لمساعدة.
بدوره الموسيقي محمد زغلول رئيس فرع نقابة الفنانين بريف دمشق قال أن صباح هي تاريخ ورمز بما يخص الأغنية العربية وهي ترتبط بعلاقة خاصة مع سورية حيث كان لإذاعة دمشق السبق في تبني موهبتها وتقديمها للجمهور السوري والعربي مبينا ان من واجبنا اليوم تكريم كل فنان محب لسورية التي كانت دائما بلد الحضارة والفن فمنها خرجت أول أبجدية واول نوتة موسيقية في التاريخ وصباح سوف تبقى حاضرة بأعمالها في ذاكرة الناس.
وتم في نهاية حفل التأبين تسليم درع تكريمية من نقابة الفنانين لممثل ذوي الراحلة تكريماً لمسيرتها الفنية الغنية على مدى أكثر من ستين عاماً من العطاء والتألق.
يشار إلى أنه أقيم للفنانة الراحلة صباح قداس وجناز في كاتدرائية مار انطونيوس المارونية بدمشق في الحادية عشرة من صباح اليوم.
والراحلة جانيت فغالي ولدت في عام 1927 بقرية بدادون قضاء وادي شحرور في لبنان لقبت بالشحرورة وسميت فيما بعد بصباح من قبل المنتجة آسيا داغر التي أدخلتها الى مصر عام 1943 ومن هنا بدأت رحلة فنية طويلة ومتألقة لم تنته حتى رحيلها في 26-11-2014.
شذى حمود-سمير طحان