حمص-سانا
في قرية القبو الجبلية بريف حمص الغربي يستوقفنا مشهد جميل لمجموعة من الخيول السورية الأصيلة في مزرعة بنيت بحجر البازلت الأسود على شكل قناطر تعيد ذاكرتنا إلى ماضي أجدادنا العريق.
كاميرا سانا زارت المزرعة والتقت صاحبها مربي الخيول معن جعفر الذي حقق حصانه “بركان الجبل” المركز الأول في مسابقة المدينة الرياضية باللاذقية للخيول السورية الأصيلة قبل أسبوعين بعد عشر سنوات من توقف المسابقة جراء الأحداث التي مرت بها البلاد.
وعن أسباب اهتمامه بالخيول في مزرعته الوحيدة في منطقة جبل الحلو أوضح جعفر أنه وأخوته ورثوا تربية الخيول عن آبائهم وأجدادهم منذ عشرات السنين لكنهم أرادوا كشباب تطويرها وتحسين سلالتها لتحافظ على أرسانها السورية التي تتميز عالميا عن باقي الأرسان الأخرى بشهادة منظمة الخيول العالمية الـ “واها” والتي نرى ختمها على كل عنق من أعناق خيول المزرعة.
وبين جعفر أن تربية الخيول هي طقس عائلي تتفرغ له الأسرة بكل أفرادها حبا منهم للخيول التي أطلقوا عليها أسماء أبنائهم وبناتهم وهؤلاء بدورهم ورغم صغر سنهم تربوا على محبتها وصداقتها الدائمة كفرد من أفراد العائلة حتى أنهم باتوا شبه أطباء اختصاصيين لعلاج أي نوع من أمراضها وإجراء العمليات الجراحية اللازمة لها عند إصابتها بكسور أو رضوض أو غيرها.
وأشار جعفر إلى أن ما يميز الخيول السورية عن غيرها قدرتها الكبيرة على التحمل وألوانها الثابتة وتركيب هيكلها المتناسق ودمها الصافي ما يجعل الطلب عليها عالميا على عكس الخيول الانكليزية أو الفرنسية التي تحتاج كل فترة الى تغيير في صفات الدم.
وبين جعفر أن الخيول السورية معروفة عالميا بأرسانها الخمسة وهي أم عرقوب والشويمي نسبة إلى النقاط التي تنمنم لونه والسغلاوي المتميز بظهره المسطح والحمداني وأخيرا العبية نسبة إلى رواية تقول إن هذه الفرس حملت عباءة صاحبها التي وقعت منه خلال هروبه مسرعا من وجه قبيلة أخرى كانت تلاحقه وعليها بنيت الأغنية التراثية “يا راكب ع العبية.. حول وارتاح شوية”.
وعن أعمار الخيول البالغ عددها في المزرعة 43 رأس خيل لفت جعفر إلى أن متوسط أعمارها من خمس إلى عشر سنوات وهي ذروة مرحلة الإنتاج لها ما يبشر بمواليد جديدة ليرفع أعدادها في ظل تناقص أعداد الخيول في بلادنا بفعل الأحداث التي انعكست سلبا على تربية الخيول وهي التي شهدت اهتماما كبيرا من الدولة والمربين قبل الأزمة.
وبالنسبة لاهتمام الدولة بتربية الخيول حالياً أشار جعفر إلى أن مديرية الزراعة ممثلة بمكتب الخيول تدعم هذا القطاع من خلال توفير الأعلاف له من شعير ونخالة بنصف الثمن وإجراء الكشوفات الصحية الدورية للخيول وخاصة للمواليد الحديثة وتوفير اللقاحات المجانية لها.
وحول أسباب قلة مزارع الخيول والمربين لها أوضح جعفر أن ارتفاع أسعار الخيول واحتياجاتها الكبيرة من الأعلاف أحد عوامل عزوف الآخرين عن تربيتها لتغدو حكرا على الأثرياء موضحا أن فوز الحصان أو اشتراكه في أحد السباقات يضاعف ثمنه كما يضاعف ثمن كل أفراد عائلته ولا توجد ضوابط لأسعارها فرغبة المشتري في اقتناء الحصان ربما تحفزه لدفع أضعاف ثمنه حبا في الحصول عليه.
وأعرب جعفر الذي شاركت خيوله في العديد من السباقات في بطولات الفروسية بدمشق وحماة وحمص عن أمله في إنشاء ناد للفروسية بحمص كباقي المحافظات والحفاظ على رياضة الخيول وتربيتها لأنها ستبقى من تراثنا الوطني الذي نفتخر به.
الفارس الصغير الطفل حاتم نجل المربي جعفر الذي يساعد والده واعمامه في تربية الخيول أعرب عن سعادته لهذه المهمة التي يرى فيها رياضة وتسلية جميلة في أحضان الطبيعة الخلابة مؤكدا أنه سيواصل هذه الرياضة حفاظا على تراث اجداده الأصيل.
حنان سويد