أياً كانت القراءات والمقاربات للقاء التشاوري السوري في موسكو، ومهما كانت الخلاصات التي سيخرج بها المراقبون بشأن النتائج فإن هذا كله لا يقلل من أهمية هذا اللقاء والمناخات التي أتاحها للمشاركين لكسر الجليد وتبادل وجهات النظر والرؤى بشأن سبل الخروج من الأزمة في سورية بشكل سلمي.
لقد شكل «منتدى» موسكو كما أطلقت عليه الدولة المستضيفة فرصة سانحة في لحظة جد مهمة يجب استثمارها إلى أبعد مدى ولاسيما أن المشاركين ذهبوا إلى اللقاء بدافع الحرص والمسؤولية الوطنية على إخراج الوطن من أتون الأزمة التي تعمل أطراف إقليمية ودولية وأدواتهما على إطالة أمدها وإبقائها متقدة عبر محاولات التشكيك وإجهاض أي بادرة حوار بين الأطراف السورية.
لقاء موسكو هو الأول من نوعه الذي يجمع هذه الأطياف السورية بعيداً عن الاستعراضات الإعلامية والمواقف الاستعراضية التي ظهرت في مونترو حيث ذهب أنذال أطراف ما يسمى «معارضة» محملين بأجندات خارجية، لذلك فإن هذا الحشد أمام اختبار حقيقي قد لا يكون اجتيازه صعباً إذا ما تم الاحتكام إلى العقل ومطالبات الداخل السوري، ومن هذا المنطلق فإنه بات من الملح أن تعي الأطراف المعارضة أنها في لحظة فارقة، فإما أن تكون مع الوطن وأمنه واستقراره أو تكون في مواجهة مع جميع أبناء هذا الوطن الذين لم يعد بمقدورهم تحمل المزيد.
كما أنه من نافل القول: إن هدف الانتقال إلى الحوار من أجل حل القضايا العديدة الملحة من الأجندة الوطنية يتطلب من الجميع جهوداً جبارة بما في ذلك الاستعداد للإقدام على تدوير الزوايا والتعامل بمرونة لا مفرّ منها والاتفاق على نقاط ومقاربات حلول يتفق عليها الجميع وهذا هو الطريق الوحيد لإنقاذ سورية والتغلب على القوى التي تمضي في الاعتداءات والإرهاب بحق الشعب السوري وتسعى إلى تقويض سيادة الدولة وتعميم الفوضى والإرهاب والتطرف فوق أراضيها.
ما نأمله بعد كل هذا هو أن يعي هؤلاء العقلاء أنه وفي وضع كهذا تمر به سورية الإرادة مطلوبة والجدية لا بد منها والصدق مع النفس ومع الآخر لا غنى عنه، فسورية تمر بتحديات فاصلة في تاريخها وهي تريد كما تؤكد بشكل رسمي لهذه المرحلة بالذات أن تكون بإرادة شعبها لا بإرادة أحد آخر، وأن تكون نقطة تصميم على الأمل بتلبية آمال وتطلعات الشعب السوري المحقة، هذا الشعب الذي قدّم ما لم يقدمه شعب آخر من تضحيات في سبيل وطنه وظل وفياً لمبادئه وسطّر بتلاحمه أروع صور الصمود في وجه الريح الإرهابية التي أراد مثيروها أن تقتلع الوطن وما فيه.
بقلم: شوكت أبو فخر