حمص-سانا
اضطلع عدد من الشباب التشكيلي الموهوب بإقامة سلسلة من المعارض الفنية في محافظة حمص في إطار إعادة إحياء الدور الثقافي المهم للمدينة حيث تهدف هذه المبادرة إلى تأكيد قدرة الإنسان السوري على مواصلة إبداعه واستكمال حضوره الحيوي في الجانب الفني و الذي طالما أسس لمنجز حضاري لافت ومؤثر.
وكان أحدث هذه المعارض قد أقيم مؤخرا في كلية الهندسة المدنية في جامعة البعث حيث قدم الفنانون الشباب مجموعة واسعة من الأعمال التي شكلت انطلاقة متجددة للفن الحمصي ولاسيما أن الأعمال المعروضة تتنوع في مضامينها الفكرية لترسخ مجتمعة ثقافة الحياة في مواجهة مظاهر الموت و الإرهاب التي سادت خلال أربع سنوات من عمر الأزمة الراهنة.
وقال الفنان الشاب محمود الضاهر إن “مشاركته في هذه المعارض هي محاولة للخروج من رحم المعاناة اليومية التي عاشتها مدينة حمص في السنوات الفائتة و الانتقال إلى فضاء مشبع باللون يساهم المبدعون الشباب من خلاله في إعادة بناء الفكر وتعزيز الروح الإيجابية تمسكا بالحياة ومقاومة لكل مظاهر الإرهاب الذي عانت منه المدينة”.
وأضاف الضاهر أن هذه المبادرة هي في الوقت نفسه احتفاء بالمواهب الشابة التي أراد أصحابها أن ينقلوا أفكارهم و مشاعرهم عبر رؤى بصرية مستحدثة تجسد مشاركتهم في رسم الخارطة الثقافية عبر انطلاقتها الجديدة وخاصة أن هذا المشروع يستقطب إليه عددا كبيرا من الفنانين الهواة ممن يشكلون نبضا إبداعيا جديدا وعادة ما تتعثر مسيرتهم بسبب قلة صالات العرض.
من جانبها أوضحت الفنانة الشابة تهاني بربر أنها “شاركت في كافة المعارض التي أقيمت ضمن هذه المبادرة وصولا إلى المعرض الحالي حيث سعت من خلال لوحاتها الثلاث المشاركة إلى التأكيد على أن الفن هو رسالة جميلة وراقية بعيدا عن قسوة الحرب وخاصة أن أعمالها تنتمي إلى المدرسة الواقعية التعبيرية” معتبرة أن الأسلوب الواقعي قادر على الاقتراب من دواخل الإنسان العادي فهو فن مقروء ومفهوم للأغلبية بعيدا عن الأعمال التي يكتنفها الغموض المبهم فالمتلقي يحتاج الى فرجة بصرية تمتع العين والقلب دون كثير تفكير و تأويل.
وتمنت بربر أن يصار إلى تنمية المواهب الفطرية الموجودة لدى الشباب الفني وتنميتها بالشكل الصحيح من خلال افتتاح معاهد احترافية في مدينة حمص تختص بتدريب الهواة وصقل مهاراتهم في حقول النحت والرسم والعزف ولاسيما بعد توقف عمل المعهد الوحيد في المحافظة منذ بداية الأزمة الراهنة.
على نحو متصل أكدت الفنانة بشرى خدوج أنها تشارك في المعرض لتبرهن ورفاقها الشباب على العزيمة الصلبة التي يتمتعون بها رغم الأحداث المريرة التي مرت على المحافظة مشيرة إلى أن هذه المبادرة تمنح الفنانين الشباب فرصة للعطاء والتجدد و المتابعة نحو المستقبل بنظرة متفائلة.
وقالت.. يشارك في المعرض الكثير من الفنانين الهواة و يقدمون أفكارا جميلة و جديدة على المشهد بتقنيات متنوعة تثبت جدارتهم الإبداعية وأهمية حضورهم الفني وخاصة أنهم ينتمون إلى مدارس فنية عريقة بدءا من الواقعية مرورا بالرمزية والتجريدية و الانطباعية كما يركز العديد منهم على رسم البورتريه كل بطريقته الخاصة و لذلك يمكن التأكيد على ان تواجدهم في هذه المعارض شكل ملتقى خصبا بكل معنى الكلمة.
وذكر الفنان التشكيلي حمزة تلجة أنه يصر على المشاركة في المعارض المنطوية ضمن هذا المشروع الفني الكبير فهي إلى جانب أهميتها الإبداعية تحمل معاني وطنية وإنسانية عميقة كونها تنهض بالجميع من قعر الخراب الذي خلفه الإرهابيون وراءهم لترفع دعائم بناء إنساني أكثر صلابة و قوة من سابقه.
وقال هذه المعارض من شأنها أن تعيد حمص العريقة إلى الوهج الإبداعي الذي اتسمت به فقد كانت مدينة ديك الجن منارة فكرية و ثقافية منذ الأزل ومن المعروف عن الإنسان الذي يعيش فيها حبه للحياة والسلام و الجمال و أيضا قدرته على إعادة إعمارها .
وأثنى تلجة على المشاركة الشبابية في هذه المعارض مؤكدا أنه من اللازم الاهتمام بالشباب بصورة مكثفة و إفساح المجال واسعا أمامهم لتعلم الرسم و التدرب عليه ضمن فعاليات متخصصة و هو ما ينطبق على جميع الفئات العمرية بما فيها أطفال المدارس الذين يكتنزون طاقات و قدرات هائلة مشيرا إلى أنه صقل الموهبة التي بزغت في الصغر في معهد صبحي شعيب للفنون التشكيلية و تابع فيه حتى تخرجه منه وانتسابه لنقابة الفنون رغم دراسته في كلية طب الأسنان.
و تمنى تلجة أن تتاح فرصة المشاركة في أنشطة هذا المشروع أمام جميع الشابات والشباب الراغبين بصقل ميولهم الفنية و تعزيزها إذ تقدم هذه المعارض لهم ما هو أشبه بمختبر فني يبحث في أدوات الفنان و خاماته و ألوانه و تقنياته فالفرصة متاحة ليختار ما يناسب رؤيته البصرية الخاصة لتنفيذ عمله الفني.
صبا خيربيك