اللاذقية وطرطوس-سانا
في كل قرية وبلدة ومدينة بمنطقة الساحل السوري تطالعك صور الشهداء المزينة بأسمائهم الخالدة وعبارات المجد والخيلاء.. هناك تقف الكلمات عاجزة عن وصف أب وأم يجلسان في ظل سنديانة علقا على أكبر غصن فيها صور أولادهما الشهداء.. يتجسد العطاء بأبهى صوره وأعظم معانيه .. هناك تروى القصص وحكايا البطولة والمجد .. قصص أبطال نسجوا من خيوط الشمس مجد الأمة وفخارها .. أبطال عاهدوا الله والوطن فصدقوا العهد وارتقوا شهداء كرماء خالدين في ضمائر السوريين.
السيدة سمر السبع والدة الشهيد علي حاج خليل عبرت لمراسل سانا عن فخرها واعتزازها بشهادة ولدها رغم ألم الفراق الذي ما زال يخيم على حياتها قائلة.. “لقد حمدت الله أنه استشهد أثناء تأدية واجبه الوطني في مواجهة الإرهابيين وهذه صورته على صدري لا تفارقني تشعرني بقربه مني” مضيفة أن عيد الشهداء “كان وسيبقى عيداً لكل الأمهات السوريات اللواتي علمن أبناءهن حب الوطن والدفاع عنه”.
وكما حمل الشهداء الوصية الغالية على قلبوهم وبروا بقسمهم يواصل الأبناء طريق الآباء ..عيونهم ترنو إلى مستقبل مشرق وحياة آمنة كريمة وفي ذلك تقول بثينة عبد السلام زوجة الشهيد العقيد رياض أحمد عبد السلام أنها ستواصل رسالتها كأم لتربية أولادها “على نهج والدهم في الحفاظ على طهر سورية من دنس الإرهاب ليكونوا على أتم الاستعداد عندما يناديهم الواجب الوطني..والشهداء مبعث فخر لأنهم قدموا أغلى ما يملكون ليبقى الوطن عزيزاً كريماً وهم مشاعل نور تضيء طريق المستقبل أمامنا”.
الدكتور مازن بدر زوان شقيق الشهيد الملازم شرف حسن ومؤسس رابطة أبناء وبنات الشهداء يقول إن “ما يبعث على التفاؤل أن دماء الشهداء الذين وصفهم القائد المؤسس حافظ الأسد بأنهم أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر أينعت نصراً مؤزراً سيخلد في تاريخ سورية ويغني مخزونه الفكري والنضالي”.
وبهذه المناسبة أيضاً يستذكر ذو الفقار ظروف استشهاد والده بسام دريباتي ويقول.. “تطوع والدي في صفوف الجيش ونال شرف الشهادة في درعا قبل سبعة أعوام في مواجهة الإرهابيين واليوم أعاهده وجميع الشهداء الذين نعيش بأمان بفضل تضحياتهم أن دماءهم الطاهرة ستكون مشعلاً ينير الطريق أمامنا كي تنعم سورية بالسلام والاستقرار”.
ويعبر غنام إبراهيم والد الشهيد يعرب عن فخره واعتزازه بالشرف الذي منحه له ابنه قائلاً.. “رغم رحيله عنا جسداً فهو ما زال بيننا روحاً ولا يفارقنا والشهداء عيدهم مقدس عندنا لأنهم قدموا لنا أروع الأمثلة والمعاني الوطنية ببذل أرواحهم للذود عن الوطن وترابه ..وما يثلج الصدور أن تضحياتهم قادت سورية للانتصار على الإرهاب بصورة سيخلدها التاريخ بأحرف من نور”.
ومن طرطوس وبإرادة صقلها الصبر وحصنها إيمان بالنصر والشهادة يقول عبد الكريم ميا والد الشهيد وسيم والجريحين ياسر وسامر “البلد تحتاج للتضحية والتعالي على الجراح” ويؤكد أنه “بالرغم من معاناة الأسرة مع الآلام والحزن لا تزال لدى ياسر وسامر القوة والقدرة على بذل المزيد من التضحيات”.
ويروي عبد الكريم تفاصيل استشهاد واصابة أبنائه الثلاثة بكلمات ممزوجة بالفخر والاعتزاز مستذكراً اليوم الذي تلقى فيه نبأ استشهاد وسيم ابنه البكر وحديث زملائه عن شجاعته في ميدان القتال وفي كل مهمة قام بها حتى يوم استشهاده في معركة مع الإرهابيين لتحرير عدد من رفاق السلاح كانوا محاصرين في معلولا شمال دمشق.
وفي الليلة السابقة لاستشهاد وسيم تؤكد والدته أن العائلة “لم تنم .. كان ليلاً طويلاً ..فأصوات المعارك وسيارات الإسعاف كانت تصل لمسامع العائلة التي كانت تسكن في منطقة القطيفة بدمشق وانتقلت منها لطرطوس بسبب الحرب” مؤكدة أن ابنها ودعها بذلك اليوم وفي قلبها إحساس بأنه لن يعود.
وتضيف.. كان “يعلم تماماً بأنه سيستشهد في ذلك اليوم حتى أنه جمع أغراضه الشخصية وتركها بعهدة أحد زملائه وأوصى بإيصالها لنا ومنها فنجانين لشرب القهوة واحد لي والثاني لخطيبته لنتذكره معاً في كل صباح” وبعد استشهاد وسيم التحق شقيقه ياسر بالخدمة الإلزامية وأصيب في إحدى المعارك ضد الإرهابيين في درعا فقد على إثرها البصر في عينيه وبترت أصابعه وحصل على نسبة عجز مئة بالمئة.
يقول ياسر “فقدت بصري لكن لم أفقد كرامتي في وطني الذي تعمد بدماء الشهداء والجرحى.. فقدت أشياء كثيرة لكن طفلتي ستعيش أجمل الأيام … عانينا كثيراً لكن بعد كل ظلام يولد النور ونحن اليوم نعيش أياماً جميلة فكرامتنا لا تزال محفوظة”.
ويشير ياسر إلى أن آلام الإصابة لا تفارقه حتى اليوم وأنه عانى ولا يزال بسبب وجود الشظايا في رأسه متوجها بالشكر لكل من وقف ولا يزال الى جانبه سواء بالدعم المادي أو المعنوي ويخص بالشكر مشروع جريح الوطن الذي قدم له بطاقة خاصة تمكنه من مراجعة عيادات الأطباء والحصول على علاج ودواء مجاني إضافة لهاتف ناطق كان له الأثر الكبير في تسهيل حياته اليومية.