واشنطن-سانا
سجل خلال الأيام والأسابيع الماضية العديد من حوادث إطلاق النار في عدد من المدن الأمريكية والتي تسببت بسقوط أعداد من الضحايا وسط تصاعد انتشار ثقافة العنف في المجتمع الأمريكي ووهم الحريات الفردية المنفلتة من أي ضوابط ضمن ما يعرف بالليبرالية الحديثة.
وفي آخر تجليات هذه السلسلة من الحوادث الدموية المتكررة كان الحادث الذي شهدته مدينة انديانابوليس بولاية انديانا أول أمس حيث قتل ثمانية أشخاص على الأقل وجرح آخرون في إطلاق نار بمنشأة فيديكس لخدمات البريد والشحن وانتهى بانتحار المهاجم.
وقبل هذا الحادث بأيام قتل شخص وأصيب عدد آخر في متجر أثاث في تكساس وذلك بعد ساعات من تقديم الرئيس جو بايدن خطة محدودة للتصدي للعنف المسلح.
وفي نهاية الشهر الماضي قتل أربعة أشخاص بينهم طفل في مبنى إداري في جنوب كاليفورنيا كما قتل 10 أشخاص في حادث إطلاق نار على محل بقالة في بولدر في ولاية كولورادو.
وجاء ذلك بعد أقل من أسبوع على إطلاق رجل النار وقتل ثمانية أشخاص بينهم ست نساء من أصل آسيوي في منتجع صحي في أتلانتا في جورجيا.
ويقضي حوالي 40 ألف شخص في الولايات المتحدة كل عام بحوادث تستخدم فيها أسلحة نارية وهو ما يستثير الكثير من الدعوات لضبط اقتناء وحيازة هذه الأسلحة من قبل منظمات حقوقية ومدنية كثيرة.
ولكن قضية تنظيم حمل السلاح في الولايات المتحدة محفوفة بالأخطار سياسياً حيث أعلن بايدن خلال الشهر الجاري ستة إجراءات تنفيذية قال إنها ستساعد في وقف الأزمة الناتجة عن عنف السلاح وهو ما رد عليه الجمهوريون بالرفض بذريعة مخالفة مثل هذه التوجهات للدستور الأمريكي الذي يعتبر حيازة السلاح حرية فردية.
وبالموازاة مع حادثة إطلاق النار نشرت سلطات مدينة شيكاغو الأمريكية أول أمس تسجيل فيديو يظهر فيه شرطي يقتل قاصراً يبلغ من العمر 13 عاماً في مشاهد “لا تحتمل” بحسب رئيس بلدية المدينة فيما قال بين كرامب محامي عائلة جورج فلويد الأمريكي من أصول أفريقية والذي قضى على يد الشرطة خنقاً في أيار من العام الماضي وأثار قتله موجة عارمة من الاحتجاجات في الولايات المتحدة أن المشاهد “فظيعة وصادمة وتشكل تذكيراً جديداً بآفة عنف الشرطة الذي لا نزال نعاني منه في الولايات المتحدة وبالحاجة الملحة لإصلاح الشرطة”.
دورة العنف المتصاعد في الولايات المتحدة والتي يتبادل فيها المجتمع والسلطة الأدوار في ارتكاب الجرائم تذكر مجدداً بالحالة التي تعيشها الولايات المتحدة في ظل أوهام “الليبرالية الحديثة” التي تحولت من تنظير للحرية إلى فكر يفتح الباب واسعاً أمام ثقافة العنف والقتل والانتحار.