بيروت-سانا
حذر البطريرك غريغوريوس الثالث لحام بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك من النتائج الكارثية للظلم والحروب والهجرة والأزمات التي يسببها باستمرار الكيان الإسرائيلي على شعوب المنطقة العربية مهددة حالة الانسجام والتآلف بين مكونات المجتمعات العربية.
وأبدى البطريرك لحام في كلمة له في مؤتمر الاسكندرية بعنوان “نحو استراتيجية عربية شاملة لمواجهة التطرف” قلقه من إفرازات الصراع العربي الإسرائيلي على المنطقة كالتطرف والتزمت والأصولية والعنف والإرهاب ومشاعر العداء والكراهية في المجتمع”.
وأكد البطريرك لحام أن “العيش المشترك” هو مستقبل هذه البلاد وهو مهدد بالحروب والأزمات والتي أصلها كامن في الصراع العربي الإسرائيلي وفي حال استمر نزيفها فهذا يعني تفريغ الشرق من تعدديته وانهيار مقولة العيش المشترك مشيرا إلى أن المناخ الملائم لهذا العيش المشترك في المنطقة هو السلام العادل والشامل والثابت الكفيل بإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.
ودعا البطريرك لحام الدول العربية إلى جمع كلمتها وتوحدها لكي تفرض حلا حضاريا سلميا عادلا للقضية الفلسطينية.
وجدد البطريرك لحام تأكيده على أهمية تعزيز قيم المحبة والسلام واللقاء والمواطنة والمصالحة العربية الشاملة في مواجهة التطرف والعنف والإرهاب والقتل والدمار الذي تعاني منه المنطقة داعيا إلى وضع ميثاق عربي جديد يلبي تطلعات الأجيال الشابة في دولة حديثة يتضامن فيها الدين والدولة بحيث يتوافر المجال الطبيعي المتناغم لكل منهما بحيث نحافظ فيه على قيمنا الإيمانية مسلمين ومسيحيين.
كما دعا البطريرك لحام إلى تعديل الدساتير العربية بما يؤمن الحفاظ على هذه القيم مشيرا إلى أن الدساتير الجديدة في سورية وتونس ومصر تنسجهم مع هذه المبادئ المذكورة.
وشدد البطريرك لحام على أهمية التربية في تعزيز هذه المبادئ لدى المجتمع مشيرا إلى عدة كتب صدرت مؤخرا في هذا الإطار بينها كتاب “فقه الأزمة” الصادر عن وزارة الأوقاف السورية وكتاب “دور المسيحية والإسلام في تعزيز المواطنة والعيش المشترك ووثيقة الأزهر ضد الإرهاب وورقة عمان ووثيقة كلمة سواء”.
وأشار إلى أن العالم العربي والإسلامي يمر في مخاض عسير من خلال انقسامه وهذا يشكل خطرا حقيقيا على العيش المشترك وعلى حضارتنا وتراثنا ومستقبلنا وعلى رسالتنا ودورنا في عالمنا العربي ومشرقنا وفي العالم أجمع داعيا إلى بذل الجهود لخلق مجتمع متعدد من خلال العروبة الثقافية وبناء المستقبل المشترك.
كما جدد البطريرك لحام دعوته إلى إقامة مراكز متنوعة تهدف إلى تنمية اللقاء بين الناس وإلى شفاء النفس والمشاعر وإزالة آثار الحرب والعنف والإرهاب التي تغزو مجتمعنا لأن التحدي الكبير يكمن في لقاء الحضارات والأديان وليس في صراعها مشددا على إرساء لغة اللقاء والحوار في المجتمع وبين الدول لكي نسهم مساهمة فعالة في تغيير المنطق القائم على الحرب لنتغلب على قوى التفرقة والشرذمة والقوقعة والخوف والريبة والعداء والكراهية ونبذ الآخر وقتله.
وختم البطريرك لحام بالقول “إن صنع السلام هو التحدي الأكبر والجهاد الأكبر والخير الأكبر والنصر الحقيقي والضمانة الحقيقية لمستقبل الحرية والكرامة والتقدم والازدهار والأمن والأمان لأجيالنا الطالعة ولشبابنا مسيحيين ومسلمين وهم مستقبل أوطاننا وصانعو تاريخها وحاملو لواء الإيمان والأخلاق فيها داعيا الى البقاء معا مسيحيين ومسلمين لبناء العالم العربي المتجدد والأفضل لأجيالنا القادمة”.