دمشق-سانا
القصة القصيرة بما تحدثه من أثر في المجتمع والإنسان منذ الطفولة أخذت الإعلامي عماد نداف لتكون حاملا رديفا لرسالته إلى جانب الإعلام والنقد الدرامي.
ويوضح القاص نداف في لقاء مع سانا أن أي فن من الفنون يتوجه إلى الإنسان ليحقق له مجموعة أهداف ضمن قالب ممتع منها الارتقاء بحياته وقيمه والسمو بها عبر الشكل الذي سيقدم به هذا الفن ثم الرسالة التي يحملها بحيث ألا تكون على حساب البناء الفني.
وتكمن أهمية القصة وفق نداف بأنها تحرض المتلقي وتوقظ فيه مجموعة من الأحاسيس وتعيد عليه تجارب الآخرين معتمدة على شغف الحكاية مبينا أن ميله لكتابة القصة بدأ عنده منذ الصغر عندما حكت له أمه قصة لأنها عجزت عن تأمين طلبه بشراء علبة ألوان.
ويجد نداف أنه المطلوب من القاص أن يمزج الواقع بالتخييل ويدخل إلى صلب المجتمع ويحكي معاناته وتعب الناس في تأمين قوت يومهم وأن يكون ملامسا لجراحهم وآلامهم مشاركا لهم في البحث عن حلول لها لا أن يسكن في أبراج عاجية ويتحدث عن الترف أو عن البطل الإيجابي الذي ينتصر على الأشرار دائما.
ويعتبر نداف أن قصته الأخيرة “حدث غدا والتحولات” التي شارك فيها مؤخرا ضمن لقاء أدبي في ثقافي الميدان تصب ضمن هذه النظرة فهي تحكي عن إنسان يتحول إلى ذئب بسبب غربته الذاتية التي يعيشها في ظل الظروف وقساوة الأحداث حتى يتحول الراوي نفسه إلى ذئب.
ويعود نداف إلى بدايات نشره القصصي حيث صدرت له أول مجموعة بعنوان “كانت الكتابة على الماء” سنة 1994 وتتألف من ثلاث قصص طويلة تحكي هموم الحب والوجدان الإنساني تلتها مجموعة بعنوان “ما الذي حصل يا إلهي” التي حملت الهم والمضمون الاجتماعي وهي تتقاطع مع ما نتعرض له الآن من أوجاع.
وحول مجموعته القصصية الأخيرة التي صدرت العام الفائت عن اتحاد الكتاب العرب بعنوان “اذكريني دائماً -حكايات مخفية في شقوق جدران دمشق” يبين نداف أنها رواية تفكيكية فهناك خيط يجمع بين مجمل القصص هو المكان منطلقا من صخرة أذكريني والراوي عبر أسطرة للأمكنة في دمشق وسورية عموما معيدا عبر هذه المجموعة صياغة المكان والذاكرة السورية بطريقته وأعطائها بعدا آخر.
وعن رأيه بالأدب السوري الذي ظهر خلال سنوات الحرب الإرهابية يعتبر نداف أنه لم يأخذ حقه ويحتاج إلى تضافر جميع الجهات من اتحاد الكتاب ووزارة الثقافة والمؤسسات الإعلامية بإطلاق مشروع ثقافي سوري يحمل على عاتقه تسويق ونشر مؤلفات كتابنا المعاصرين والراحلين ودعمهم ماديا بصورة تتناسب مع ما يقدمون مشيرا إلى أن أدباءنا يقومون في كثير من الأحيان بطباعة مؤلفاتهم في مؤسسات نشر خارجية لأنها تحقق لهم ماديا أضعافا ما يجنونه من طباعة كتبهم محليا.
ويؤكد نداف ضرورة الارتقاء بدور الأدب في حياتنا وبمكانة الكتاب الذين لا يسلط الضوء على تجاربهم ونتاجهم كما يحدث مع الممثلين والمطربين.
نداف الذي أصدر في الأعوام الأخيرة عددا من الكتب التي تناقش قضايا درامية متنوعة يشير إلى أن التجربة السورية باحتضان الدراما والاستثمار فيها نجحت في الفترة بين السبعينيات حتى نهاية تسعينيات القرن الماضي لأنها بحثت عن المنتج الذي يمكن أن ينجح بالاستثمار وأعطت حقوق هذا العمل كاملة وقدمت الكاتب والمخرج والكادر التمثيلي الجيد وأنصفتهم ماديا وفكريا وأعطتهم حرية التعبير.
ويؤكد نداف ضرورة أن تبقى صناعة الدراما منتجا سوريا خالصا وألا تذهب إلى أي جهة خارجية عبر ضبط دخول القطاع الخاص إلى هذه الصناعة وإعادة دور القطاع العام الرائد فيها والحيلولة دون انتشار أعمال تمولها رؤوس أموال عربية تعتمد خليطا من الممثلين السوريين واللبنانيين والمصريين ولكنها لا تحمل الهوية السورية.
بلال أحمد