دمشق-سانا
حمل مدحت عكاش طوال عقود لقب عميد الأدب السوري ليس لأنه أحد أعلام الثقافة فحسب بل لدوره في رعاية واحتضان مجموعة من كبار الأدباء والصحفيين الذين صاروا من المبرزين في هذا المجال داخل البلاد وخارجها.
عكاش الذي تحل هذه الأيام ذكرى وفاته التاسعة من مدينة حماة ولكنه ولد في درعا سنة 1923 تنقل بين مدارس حماة وحلب ثم درس الحقوق في جامعة دمشق ليتخرج فيها عام 1950 لكنه لم يعمل في سلك القانون بل اختار تدريس اللغة والأدب حتى انتخب نقيبا للتدريس الخاص في سورية.
بداية عكاش مع الشعر كانت في سن الشباب من بوابة مشاركته في النضال الوطني ضد الاحتلال الفرنسي ثم تطور لاحقا نظمه للشعر حتى غنى من كلماته كبار الموسيقيين مثل نجيب السراج وحليم الرومي.
الأثر الأهم والخالد في مسيرة عكاش تأسيسه مجلة الثقافة الدمشقية التي صدر أول عدد لها عام 1958 إبان الوحدة مع مصر في خضم منافسة مجلات كبرى سورية وعربية لكن مجلة الثقافة استطاعت فرض نفسها بنشرها نتاجات في الشعر والأدب العربي والمترجم والمقارن لأعلام الفكر والأدب إضافة إلى شعراء ناشئين أخذت بيدهم ممهدة لهم طريق الانتشار والشهرة.
ومن الأسماء التي كتبت في مجلة الثقافة أو انطلقت منها الدكتور عبد السلام العجيلي والأديب سعد صائب والشاعر والمسرحي عدنان مردم بيك والأديبات وداد قباني وغادة السمان والشاعر بدوي الجبل فكانت المجلة ميدانا لحوار المبدعين آنذاك في شتى فنون الأدب واستمر إصدارها قرابة نصف قرن من العطاء الفكري الثقافي رغم ضعف إمكاناتها.
وإلى جانب ترؤسه تحرير مجلة الثقافة تنقل عكاش حاملا هواجسه الثقافية في عدة وظائف وأعمال كان آخرها مترجما عن اللغة الفارسية.
وخصص عكاش عبر مجلته جوائز أدبية سنويا في مجالات الشعر والقصة القصيرة والرواية والدراسة الأدبية والنقد التي شارك فيها أدباء سوريون ومن أقطار الوطن العربي ومن المهجر.
وترك عكاش العديد من المؤلفات المطبوعة منها ابن الرومي ورسائل الجاحظ فضلا عن ديوان شعري بعنوان يا ليل يحاكى فيه موروث الشعر العربي الذي حفظ منه آلاف الأبيات.
وتقديراً لإبداعاته ودوره في خدمة الأدب تم تكريمه من قبل وزارة الثقافة عام 2007 في مكتبة الأسد واحتفي به في مدينته حماة وحصل على العديد من الجوائز منها جائزة جبران العالمية في مدينة استراليا.
وعندما رحل مدحت عكاش عاشق الشعر والنثر والحكمة عن عمر ناهز الـ88 عاما توقفت مجلة الثقافة الدمشقية بغيابه لكن ذكراه وأثره بقيا عند كل من اشتغل في الحركة الأدبية السورية المعاصرة كواحد من أهم رموزها.
رشا محفوض