اللاذقية-سانا
“كانت حرارة اللهب تلفح وجوهنا وحماوة الجمر تذيب نعال أحذيتنا لكننا قررنا مواجهة النيران إلى جانب فرق الإطفاء” تلك كلمات أحد الشباب المتطوعين الذين اندفعوا مع سماعهم أخبار الحرائق في ريف اللاذقية للمشاركة في إخمادها.
فبعد ساعات قليلة من انتشار خبر الحرائق في ريف اللاذقية الشمالي اندفع عدد من الشباب بهمة عالية وهرعوا لتشكيل فرق تطوعية والتوجه إلى مواقع الحرائق ومساندة طواقم الإطفاء والأهالي في التصدي لها وإخمادها وسط روح تشاركية وسمها التحدي والإصرار على مواجهة الأخطار المحيطة وعدم الانزواء للإحباط واليأس.
“كنا مصممين على اخماد النيران حتى لو اضطرنا الأمر أن نرمي بأجسادنا فوق اللهيب المشتعل” يقول الشاب علاء كفرقطاري في حديثه لـ سانا الشبابية عن مشاركته وزملائه في إخماد الحرائق في منطقة بللوران بريف اللاذقية الشمالي مضيفا إنه وصديقه دعوا كل من يرغب بالمساعدة في مواجهة الحرائق غلى التواجد في الصباح الباكر أمام مقر فوج الإطفاء في منطقة الفاروس.
ويتابع: تمكنا من تأمين عدد كبير من المجارف وتجهيز عتاد كامل للمتطوعين وتحركنا باتجاه منطقة بللوران فتوغلنا في الجبال المحيطة إلى جانب فرق الإطفاء والأهالي متسلحين بما نملك من معدات لإخماد النيران التي كانت تلتهم كل شي.
الشاب يزن أطلي شريك آخر في هذا التحدي تحدث عن أكثر اللحظات صعوبة وحرجاً عندما حاصرتهم النيران من كل الجهات بسبب اشتداد الرياح وقال: “كنا نشعر بحرارة اللهب تلفح وجوهنا وحماوة الجمر تذيب نعال أحذيتنا لكننا كنا نفكر بفداحة الكارثة إذا ما وصلت الحرائق إلى منازل السكان البسطاء الذين ذهبت أرزاقهم بلمح البصر”.
وفي قرية الدفلة بمنطقة البسيط قصص مؤثرة عن التحدي والشجاعة والإقدام سطرها الأهالي بالتعاون مع المتطوعين وطواقم الإطفاء التي جاءت إلى الموقع استجابة لنداءات الاستغاثة.
ويصف الشاب غدير سالم عمل المتطوعين ويستعيد صوراً من ذاكرة الأمس الموجعة كيف توغل وعدد من المتطوعين بين الأشجار إلى عمق الجبل منهم من يساعد فرق الإطفاء بمد خراطيم المياه ومنهم من يقوم بتعزيل الأعشاب من وجه النيران وقسم يحفر التراب بمجرفته ومعوله عسى أن يوقف ذلك النيران وقال: “على الرغم من التعب والإرهاق والإعياء الذي أصابنا جراء العمل لساعات متواصلة إلا أن نفوسنا المفعمة بالعزيمة والإرادة كانت الأقوى في مواجهة النيران”.
بدوره قال المتطوع علاء فوال: لقد كان هناك إصابات ورضوض بسيطة بين الشباب المتطوعين جراء وعورة التضاريس وكثرة الشجيرات الشوكية والأغصان المقطوعة والمحترقة إلا أننا فخورون بما أنجزناه وما حظينا به من شرف مساعدة أهلنا في هذه القرى.
روح التحدي السورية في وجه أعتى الظروف تواجدت كذلك في ريف القرداحة وجبلة وفق ما قال حيدر الجردي نائب فريق المغامر السوري مبينا أنه انطلاقا من الواجب الوطني والإنساني انطلق 71 شابا متطوعا للمشاركة في حماية الغابات ووقف الحرائق في هذه المناطق مشاركين في عمليات إخماد الحرائق والإسعاف وإجلاء الأهالي بعد تقسيم الشباب إلى مجموعات في قرى مسيت وبيت زنتوت وبسوت بالتنسيق مع رجال الإطفاء والجيش العربي السوري.
المشرفان المتطوعان علي فندي وساندي خاسكي أوضحا أن تواجدهما مع بقية المتطوعين نابع من الإحساس بالمسؤولية التي يتمتع بها كل إنسان سوري شريف تجاه أرضه وبلده مؤكدين أن الأهالي والشباب سيعملون قريبا على إعادة تشجير المساحات المحروقة.
جهود جبارة بذلها الشباب المتطوع في فريق “الميدوز” الطبي خلال الأيام الماضية عبر الإسهام في إجلاء عدد من متضرري الحرائق في ريف اللاذقية وتقديم الاستشارات الطبية العاجلة للأفراد والعائلات بعد تخصيص خط للاستجابة الطبية الطارئة وآخر لإجلاء الناس العالقين وسط الحرائق بمساعدة متطوعين شباب انتشروا في كل المناطق إضافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين وفق الدكتور أحمد محمد مؤسس الفريق.
“أبدى الشباب السوري المتطوع شجاعة أسطورية في وجه اللهب الأحمر وقام بتقديم كافة أنواع المساعدة إلى أهالي المناطق التي تعرضت للخطر بالتنسيق مع الأهالي والجهات الرسمية” بهذه الجملة يختم الدكتور محمد وصفه لإقدام الشباب ومبادرتهم إلى جانب أخوتهم وأهلهم في المناطق التي طالتها الحرائق.
رشا رسلان-لمياء الرداوي