ليس جديدا أن يرتبط مفهوم ما يسمى بالمعارضة السورية بتلك الجعالات التي خصصتها دول لها .. فمنذ سنوات الأزمة السورية، اي دخولها في العام الرابع، أصابت المعارضة السورية بكامل أطيافها وأشخاصها مالا وفيرا، وإقامات خمس نجوم لم يكن ليحلم بها أصحابها، ومطالب لم تتحقق طوال حياتهم على يد أي كان.
لكن رغم أن تلك المعارضة حاولت ان تجد لها وحدة داخلية، الا انها ظلت على عدم انسجام الا في حالة الحصول على الاموال والسباق على الاقامات في فنادق ذات مستوى، وفي السفر ساعة يشاؤون، والتحرك بين العواصم التي تقدم لهم دون تأخر ما يحتاجونه، حتى انهم اصيبوا بالدلال، وصار تنعمهم على حساب التفكير بممارسة دور المعارض، حتى أنه قيل الكثير في هذا المجال.
لاشك أن حلم هؤلاء بالدولارات واليورو أصبح بديلا عن تفكيرهم ببلادهم، وكل ما يستتبعها، فلقد وجدوا ضالتهم، لكنهم مع ذلك اختلفوا قبل ان يصلوا الى مبتغاهم. فهاهي الاخبار عنهم تملأ صحف وقنوات الغرب والشرق، وبعضهم يتناقلها شفهيا، لدرجة يمكن القول إن المسائل السياسية او قضايا سورية صارت خارج حساباتهم، بعدما تقدم عليها المال الوفير الذي باتوا يشعرون انه سيتقلص امام المتغيرات داخل سورية، وفي طليعتها اعادة انتخاب الرئيس الأسد، والمكاسب الكبرى التي حققها الجيش العربي السوري، والصمود الشعبي والتفافه حول قيادته، بمعنى أن ما أدعوا أنهم قاموا من أجله سقط كله، فكان أن ارتدت كل تلك الأمور شرا على تلك المعارضة التي بدأت تفتش عن مخارج لها بالحصول على أي مال كان ومن أي مصدر قبل أن يجف، ولهذا كانت الصدامات الأخيرة فيما بينها تعني الكثير، وبالطبع فإن أخبار صراعهم من أجل المال وصلت إلى الشعب السوري الذين يدعون أنهم يمثلونه.
هؤلاء الذين اجتمعوا تحت راية من يدفع أكثر ماذا لو وصلوا إلى السلطة، والسلطة هي شهوتهم، تماما مثلما هي حال سلطة المال التي طوفتهم في العواصم بحثا عنها، فلقد كان البعض منهم صريحا عندما طالب الممولون بجعالته المعروفة، ولسنا نذكر أسماء هنا، لأن الجميع بات معروفا، ولا فرق بين واحد وآخر، هم سواسية في المطالب وفي التفكير وفي السبب الذي دفعهم لاتخاذ مواقف لم تعد ذات قيمة لاعند الممول ولا عند المشغل ولا عند المخطط، والذي نراه أيضا، إنهم تحولوا عبئا، وصار هنالك من يريد التخلص منهم بأية طريقة كانت.
وفي المقابل وبينما معارضة الخارج هؤلاء يتصارعون على أموال الممولين لمؤامرة تدمير سورية فان أدوات التدمير والهدم في الداخل والتي جرى استيرادها من شتات الدنيا تحت دعوى الجهاد يدنسون الأرض السورية بدمائهم وهم يتقاتلون من أجل الاستحواذ على الفتات الذي يصلهم من نزلاء الخمس نجوم في أنقرة والعواصم الإقليمية الأخرى وعواصم الغرب التي تحتضنهم، فأي دولة حرة مستقلة وديمقراطية التي سيقيمها هؤلاء فيما لوكانت الرياح سارت وفقا لمجرى سفنهم الارتزاقية، لقد حمى الله سورية وشعبها وشد من عضد السوريين الذين التفوا خلف جيشهم العربي الأبي وخلف قيادتهم الصلبة والشجاعة، وها هي مؤشرات إندحار هؤلاء المترزقين على حساب سورية وشعبها ترتسم على الأرض السورية انتصارات عسكرية ومصالحات شعبية.
رأي الوطن