كيف يمضي كبار السن أوقاتهم في ظل الظروف الراهنة؟

اللاذقية-سانا

شكل وقت الفراغ المتزايد في ظل الظروف الراهنة التي فرضتها إجراءات التصدي لفيروس كورونا هاجساً لشريحة واسعة من كبار السن والمتقاعدين الذين بدؤوا البحث عن حلول وأساليب لتمضية الوقت وتعويض الساعات التي كانوا يقضونها برفقة أقرانهم في المقاهي والمنازل.

وحفزت هذه الحالة مخيلة وطاقة الكثير منهم للبحث عن سبل لملء هذا الفراغ عبر سلسلة من النشاطات كالعودة إلى العمل بالأرض أو تنمية مهاراتهم في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بما يعزز العلاقات العائلية والاجتماعية أو حتى ممارسة الرياضة أو غيرها من الوسائل المتاحة والتي تناسب أعمارهم.

وفي حديث لمراسلة سانا في اللاذقية يقول جميل حيدر 60 عاماً إنه يمضي معظم وقته بالعمل في الأرض منذ ساعات الصباح الباكر ويعود مع حلول الظهيرة في محاولة منه لتمضية وقته مبيناً أن منع التنقل بين الريف والمدينة وإغلاق المحال التجارية كان له أثر إيجابي بالنسبة له فقد أتاح له الفرصة للاهتمام بأرضه التي أهملها جراء الانشغال بضغوط الحياة ومشاكل توفير متطلبات أسرته ومنحته مزيداً من النشاط والحيوية بعد سنوات من الحياة الروتينية المملة مضيفاً إن أصعب ما في هذه الظروف هو انقطاع السهرات مع الأقارب والأصدقاء ولعب طاولة الزهر التي كانت طقساً لا غنى عنه في القرية ولكن لا يسعه إلا الالتزام بالإجراءات الوقائية التي تم اتخاذها حفاظاً على صحة العائلة.

وقال الرجل السبعيني سمير أحمد إنه يفضل التزام المنزل على الرغم من شعوره بالملل ومحاولته التأقلم مع التغيرات التي طرأت على عاداته اليومية حيث بات يحتسي قهوة الصباح على شرفة المنزل بدلاً من ارتياد المقهى القريب ولقاء أصدقائه بعد شراء حاجيات الأسرة من السوق ولحين انتهاء زوجته وابنته من أعمال التنظيف مضيفا إنه يحاول كسر الروتين بممارسة الرياضة داخل المنزل والاستماع إلى الموسيقا أو قراءة الكتب وتعلم استخدام الانترنت لمعرفة آخر الأخبار والمستجدات.

أما بالنسبة للمواطن علي يوسف فيقول إنه يشعر بحالة ملل وفراغ بعد انقطاعه عن المقهى الذي بات جزءاً مهماً من يومياته بعد تقاعده من عمله الوظيفي فحسب رايه فان لقاء الاصدقاء ومناقشة ما يجري هو السبيل الأفضل للتخلص من الهموم والضغوط الاجتماعية والمشاكل الأسرية لكنه يرى رغم كل ذلك أن الظرف يستدعي الوعي بخطورة الوضع وضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية على أمل أن تنتهي المحنة في وقت قريب.

بدوره أكد محمد كامل أنه يتفادى الذهاب إلى السوق في أوقات الذروة ويتجنب الاحتكاك مع الآخرين قدر الإمكان ويسارع إلى تبديل ملابسه وغسل يديه مباشرة فور الوصول إلى المنزل بعد التخلص من الكمامة والقفازات موجهاً رسالة للجميع بضرورة الالتزام بقواعد السلامة والنظافة الشخصية وتوخي الحذر والتعاطي مع الظروف الحالية بجدية.

بدوره قال عمر حاج قاسم إنه ومنذ اليوم الأول لتطبيق الإجراءات الاحترازية توقف عن الذهاب إلى المقهى وامتنع عن استقبال الزوار واكتفى بالهاتف وسيلة للاتصال والاطمئنان على زملائه وحتى أولاده وأحفاده رغم شوقه الكبير لهم فالصحة أهم وكما يقال (درهم وقاية خير من قنطار علاج) وطالما أننا نمتلك الوعي الكافي سنتمكن من اجتياز هذه المحنة والعودة إلى حياتنا الطبيعية من جديد.

بينما يجهد علي منصور ابن الأربعة والستين عاما لتعلم تقنية التواصل عبر الشبكة ولا سيما الواتس أب وتصفح الانترنت لملء أوقات الفراغ والتواصل مع أصدقائه وأولاده والتي وجد فيها ضالته كما يقول ضاحكاً: لقد أصبحت كالبلبل في التعاطي مع هذه التقنيات التي كانت بعيدة عن اهتماماتي بالمطلق.

وفي هذا السياق قدمت الدكتورة نبال الجوراني (أستاذ مساعد ورئيس قسم علم الاجتماع بكلية الآداب في جامعة تشرين) جملة من النصائح للاهتمام بكبار السن وتقديم الدعم النفسي لهذه الشريحة لإبعاد مشاعر الوحدة والقلق والتوتر والكآبة وللحفاظ على صحتهم النفسية الأمر الذي يلعب دوراً كبيراً في تقوية جهازهم المناعي ومنها تقديم معلومات واضحة وبسيطة لهم حول فيروس كورونا وكيفية التصدي له وإشراكهم بأنشطة ترفيهية في المنزل وعدم إهمالهم والتماس نصائحهم ومشورتهم في الأعمال التي تحتاج إلى خبرتهم ودرايتهم.

وأضافت إنه ينبغي تشجيع كبير السن للبقاء على تواصل عن بعد مع المعارف والأصدقاء وذلك عن طريق الهواتف أو وسائل التواصل الاجتماعي الأمر الذي قد يسهم في التخفيف من حدة التوتر والضغط النفسي لديهم واطلاعهم على الأخبار التي تتضمن حالات الشفاء من فيروس كورونا وعدم اطلاعهم على الأخبار التي تحتوي أعداد الوفيات بسبب هذا الفيروس فإن أخباراً كهذه قد تسبب لهم الإحباط والقلق والشك وتدهور صحتهم النفسية وبالتالي البدنية مشددة على عدم المبالغة وتهويل الأمور بالحديث باستمرار عن مخاطر الفيروس أمامهم والتعامل معه على أنه مرض عادي يمكن التصدي له بقليل من القواعد الصحية التي يؤدي عدم الالتزام بها إلى إصابة الصغير قبل الكبير.

رشا رسلان

انظر ايضاً

إصابة عشرات الرياضيين في أولمبياد باريس بفيروس كورونا

جنيف-سانا أعلنت منظمة الصحة العالمية اليوم أن 40 رياضياً مشاركاً في الألعاب الأولمبية على الأقل …