اسطنبول-سانا
استمرارا لسياساتها في قمع الحريات الإعلامية وكم أفواه المعارضين اقتحمت شرطة نظام “حزب العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا صباح اليوم مقر صحيفة “زمان” التركية واعتقلت رئيس تحريرها أكرم دومنلي.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن دومنلي من بين 25 شخصا اعتقلتهم الشرطة خلال مداهمات نفذتها في 13 مدينة تركية بينها مقار صحيفة زمان في اسطنبول.
وجاء اعتقال رئيس تحرير زمان بعد حملة مداهمة ثانية أقدمت عليها هذه الشرطة على مقار الصحيفة التركية بعد ظهر اليوم متجاهلة تجمعا شعبيا حاشدا أمام محيط الصحيفة للاحتجاج على حملات الاعتقال حيث حال الحشد في المداهمة الأولى السابقة دون توقيف أي من العاملين في الصحيفة إلا لأن هذه الشرطة شنت حملة مداهمة مباغتة أخرى تمكنت في سياقها من اعتقال دومنلي.
وكان حشد من المواطنين الأتراك ردوا بشكل عفوي على حملات القمع الأردوغانية وتجمعوا أمام مكاتب الصحيفة التركية في ضواحي اسطنبول ما أرغم عناصر الشرطة في المداهمة الأولى على مغادرة المبنى دون اعتقال أي من الموظفين ولكنها في المداهمة الثانية اعتقلت دومنلي و24 موظفا آخرين.
وردد المشاركون في التجمع هتافات رافضة لممارسات حكومة حزب العدالة والتنمية في “إسكات الإعلام الحر”.
من جهتها ذكرت وكالة أنباء الأناضول أنه صدرت مذكرات توقيف بحق 32 شخصا متهمين بتشكيل “عصابة هدفها المس بسيادة الدولة” إضافة إلى تهم أخرى لافتة إلى أن شرطة حكومة حزب العدالة والتنمية اعتقلت خلال حملتها عددا من أنصار خصم أردوغان الحالي وحليفه السابق الداعية فتح الله غولن” في سلسلة عمليات الاعتقال منهم مسؤولي شبكة تلفزيونية.
وكان أردوغان توعد الجمعة الماضي “بملاحقة أنصار “غولن” حتى أوكارهم” زاعما أن حكومته “تواجه شبكة من أبرز شبكات قوى الشر في تركيا وخارجها وستلاحق عناصرها دون النظر إلى من يقف إلى جانبهم وستدمر هذه الشبكة وتحاسبها”.
وفي العام الماضي أعلن نظام أردوغان الحرب على حركة “غولن” متهما إياه بتشكيل “دولة ضمن الدولة” و”التآمر لإسقاطه” في حين نفت الحركة أي تورط في التحقيق حول الفساد الذي استهدف مقربين من أردوغان.
وكان المدون التركي فؤاد عونى حذر في تغريدة له قبل يومين على صفحته على تويتر من مخطط ترهيبي يعتزم نظام رجب طيب أردوغان فرضه على المجتمع التركي عبر شن اعتقالات تطول مئات المعارضين له بينهم مئة وخمسون صحفيا إضافة إلى كتاب وأدباء معلنا أن “سلطات نظام أردوغان الأمنية ستشن خلال الأيام المقبلة حملة اعتقالات واسعة تطول 400 شخص بينهم 150 صحفيا انتقاما من وسائل الإعلام التي نشرت أنباء عن قضية الفساد والرشوة التي كشفت في 17 كانون الأول الماضي” واصفا هذه الحملة الأمنية بالانقلاب الحكومي.
ولم يتردد نظام أردوغان بإرفاق انتهاكه للحرية بحملة إعلامية مضللة عبر حديث وكالة أنباء الأناضول الرسمية عن قيام “شرطة مكافحة الإرهاب” بهذه الاعتقالات.
وتأتي عملية شرطة أردوغان هذه بعد يومين من إعلان أردوغان نفسه نيته تنفيذ عملية جديدة في أوساط أنصار غولن للتغطية على فضيحة الفساد التي طالت مقربين منه قبل عام وهزت الأوساط السياسية التركية وأدت إلى استقالات في حكومة حزب العدالة والتنمية التي كان يرأسها أردوغان آنذاك والبرلمان التركي.
وفضيحة الفساد والرشوة التي كشفت في 17 كانون الأول عام 2013 أدت إلى اعتقال عشرات رجال الأعمال والسياسة ومنهم أبناء ثلاثة وزراء في حكومة أردوغان الذي كان حينذاك رئيسا للوزراء حيث تمكن من وقف التحقيق بهذه القضية من خلال عزل الآلاف من عناصر الشرطة وعدد من القضاة وحمل البرلمان على إقرار قوانين تعزز رقابة الدولة على الجهاز القضائي والانترنت.
يذكر أن تركيا فى ظل حكم أردوغان وحزب العدالة والتنمية باتت وفق تصنيف لجنة حماية الصحفيين البلد الأول عالميا فى قمع الصحفيين وسجنهم حيث يقبع 76 صحفيا في السجون منذ الأول من آب هذا العام منهم 61 سجنوا بسبب تهم متعلقة بعملهم الصحفي.
الاتحاد الأوروبي: مداهمة الشرطة مقار الصحف التركية منافية لقيم الاتحاد الأوروبي
من جهته أدان مسؤولون كبار في الاتحاد الأوروبي اليوم مداهمات الشرطة التركية لمقرات إعلامية واعتقال صحفيين واصفين ذلك بأنه “مناف لقيم الاتحاد الأوروبي” الذي “تتطلع” تركيا إلى أن تصبح جزءا منه.
وجاء في بيان اصدرته مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديركا موغيريني ومفوض سياسة الجوار الأوروبي ومفاوضات التوسعة يوهانس هاهن نقلته وكالة الصحافة الفرنسية “إن المداهمات تتعارض مع حرية الإعلام التي هي المبدأ الجوهري للديمقراطية”.
وأشار البيان الذي نشرته المفوضية الأوروبية الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي إلى “أن هذه العملية تناقض القيم والمعايير الأوروبية التي تتطلع تركيا إلى أن تكون جزءا منها والتي هي جوهر العلاقات المعززة” بين الجانبين مضيفا “نذكر بأن أي خطوة إضافية باتجاه ضم أي بلد مرشح تعتمد على الاحترام الكامل لحكم القانون والحريات الأساسية”.
وشدد البيان على أن المفوضية “تتوقع أن يسود مبدأ افتراض البراءة وتذكر بالحق الثابت لإجراء تحقيق مستقل وشفاف في حال الاشتباه بالقيام بأي عمل خاطئ مع الاحترام التام لحقوق المتهمين”.
ومن المتوقع أن يعرب المسؤولان الأوروبيان عن قلقهما للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء أثناء المفاوضات حول توسعة الاتحاد بما في ذلك المفاوضات مع تركيا.
من جهتها أعربت الولايات المتحدة عن قلقها بشأن اعتقال الشرطة التركية اكثر من عشرين من الشخصيات الإعلامية البارزة في البلاد في مداهمات خاطفة استهدفت أشخاصا يعتقد أنهم “خصوم الرئيس رجب طيب أردوغان”.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي إن واشنطن “تتابع عن كثب” التقارير حول المداهمات والاعتقالات.