جيشُ الشّعبِ

في تاريخ كلّ الأمم ثمة الكثيرُ من الحروب، وتنظر كلُّ أمة إلى حروبها بعين الافتخار والاعتزاز إذا كانت من الأمم التي تعي، وتعرف معنى السيادة والاستقلال وتستميت في الدفاع عنهما، وكان جيشها يشكّل مؤسسةً وطنيةً بامتياز، يتماهى مع الجماهير التي تشكّل بوصلته، وينتمي أفراده إلى جميع فئات الشعب.

هذا هو الجيش العربي السوري الذي جسّد عبر التاريخ مسيرةً من النضال والتضحية والدفاع عن المبادئ والقيم التي أسس عليها، ومارسها عقيدةً لا يحيد عنها.. وكان بحقٍّ جيشاً عقائدياً إذ انتهج سياسةً مركّبة: (سياسةً وطنية) تتمثل في حماية الأرض ومصالح الشعب الذي كان جيشه المؤمن بقضاياه والمدافع عن إرادته وعن أرضه، و(فكرية) ترتكز على الفكر القومي، أي إنه إضافة إلى عقيدته العسكرية انتهج في سياسته استراتيجيةً أكّدت حضوره المؤثر والفاعل وأنه مكوّن أساس في بنية الأمة ومشروعها القومي، فكان ومازال رافع لواء القومية العربية.

اليوم، وفي ظل الصراع القائم في بنية النظام العالمي مابين (الخير والشرّ) وفي ظلّ الحرب الكونية التي تتعرض لها سورية حقّق الجيش العربي السوري إنجازات عظيمة، وهو يتصدى لأكبر الهجمات العسكرية المؤدلجة في تاريخ الحروب الحديثة التي شاركت فيها كبرى الدول الغربية، مستغلّة كلّ الإمكانات العسكرية والاقتصادية واللوجستية ومترافقة مع حرب إعلامية كبيرة مُضلِّلة، مستخدمة كلّ الإمكانات والتقنيات الحديثة، في محاولة لإحداث شرخ في منظومة الجيش العربي السوري وتفتيت بنيته، لأنه يقلق ويخيف الغرب الذي يعدّه الجيش العربي الأول الذي يقف في وجه كلّ مشروعاته الاستعمارية، والمدافع الأول عن قضايا الأمة العربية، وكذلك يقضّ مضجع الكيان الصهيوني الذي يعدّه الصخرة التي تتحطّم عليها كلّ مخططاته التوسعية ويهدّد أمنه ووجوده بسبب مركزية القضية الفلسطينية في عقيدته.

إن الجيش العربي السوري الباسل، هو جيش الشعب بامتياز، إذ انتشرت ثكناته العسكرية أيام السلم في القرى والمدن تحت عناوين (وطن- شرف- إخلاص)، ناشراً الطمأنينة والأمان، وفي الحرب، كان بفضل حكمة قيادته والتفاف الشعب حوله في مواجهة الأعداء الضمانةَ الوطنية للسوريين الذين آمنوا بدوره في الدفاع عنهم وعن أرضهم، ومصدراً حقيقياً للشعور بالعزِّ والافتخار.

تطويقٌ، حصارٌ، اشتباكٌ، تدمير مفخّخات، تمشيط، إزالة ألغام.. هذه هي خطوات الجيش العربي السوري اليوم، وهو يتابع مهامه القتالية لتحرير كلِّ شبر من الأراضي السورية من الإرهاب بعمليات نوعية دقيقة ومركّزة، ويتقدّم بوتائر سريعة في ريف إدلب الجنوبي، محقّقاً الانتصار تلو الانتصار على التنظيمات الإرهابية المسلحة التي انهارت تحت وطأة ضرباته الموجعة، ما أثار قلق وخوف داعميها الذين أسرعوا لإنقاذها، إن عبر زيادة أردوغان حجم الإمدادات العسكرية للإرهابيين، أو عبر تحالفه وتواطئه مع الكيان الصهيوني الغادر لعرقلة تقدم الجيش العربي السوري، ما عرّى وعلى نحو فاضح مَنْ يرعى، ويحمي، ويدعم الإرهاب، ويخرق القوانين الدولية في انتهاك سافر للسيادة السورية.

وسيستمر الجيش العربي السوري الباسل في تحقيق الانتصارات الباهرة، لأنه صاحب الحقّ والسيادة.. ومادام الآن هو مَنْ يحدِّد مصير الصراع، ويرسم الخرائط لمصلحته، فإذاً هو الأقوى، ويستمدّ قوته من قوننة تحرّكاته ودفاعاته، ومن دعم شعبيّ كبير منحه القوة والتصميم والعزيمة لمجابهة شتّى أنواع الاعتداءات، فهو جيش الشعب والوطن، وسيحقق النصر الأشمل في إدلب وفي كامل الجغرافيا السورية حتى دحر الإرهاب عن الأرض السورية كاملةً، وسيبقى الطود الشامخ والصخرة التي تتحطّم عليها كلّ خطط من يتجرأ ويعتدي على أرضه وشعبه في أيّ زمان ومكان.

بقلم: محمد البيرق

انظر ايضاً

الصندوقُ الأسودُ التركيّ يفضحُه أردوغان- بقلم محمد البيرق

وتستمر الحربُ العدوانية القذرة على سورية في ظرفٍ تاريخيٍّ استثنائي ولَّد أشكالاً وصوراً إجرامية جديدة …