دمشق-سانا
انطلقت على مسرح كلية التربية اليوم فعاليات ورشة العمل التي تقيمها جامعة دمشق بالتعاون مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان تحت عنوان “الإعاقة قصة تحد ونجاح” وذلك بمناسبة اليوم العالمي للإعاقة الذي يصادف الثالث من كانون الأول من كل عام.
وبين وزير التعليم العالي الدكتور محمد عامر المارديني خلال الافتتاح أن الاعاقة الجسدية تعد من المشكلات الاجتماعية التي تواجه الدول “وخاصة الفقيرة نظرا لما تعانيه من جوع ومرض وكوارث وحروب”.
وأشار الوزير المارديني إلى أن الحرب الظالمة على سورية أفرزت منتجا اجتماعيا جديدا يتمثل فى العديد من الأطفال والشباب والكهول من جرحى الحرب الذين دخلوا تصنيف الاعاقة ما يستوجب على المؤسسات والأفراد معا المساهمة في إعادة تأهيلهم ودمجهم بالمجتمع للاستفادة منهم كعناصر فاعلة.
ولفت إلى أن سورية أولت خلال السنوات الاخيرة اهتماما بالغا بتأهيل وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة ومنهم معوقو الحرب من خلال زيادة عدد المقاعد الجامعية لهم وتلبية متطلباتهم فى الكليات متمنيا أن تخرج الورشة بتوصيات ونتائج من شأنها تذليل الصعوبات التي تعانيها هذه الشريحة.
من جهتها أوضحت رئيسة الهيئة السورية لشوءون الاسرة والسكان الدكتورة هديل الاسمر أن “سورية التي انضمت دون تحفظ إلى اتفاقية “حقوق الاشخاص ذوى الإعاقة” التي اعتمدت من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة عام 2006 أحرزت تقدما مقبولا فى هذا المجال من حيث سن القوانين وتشكيل مجلس الاعاقة وتخصيص عدد من المعاهد لرعاية وتأهيل المعوقين وتشجيع المجتمع الاهلى بهذا المجال”.
واعتبرت الأسمر أن “ما تم تحقيقه لهذه الشريحة متواضع وخاصة خلال الحرب التى تمر بها سورية مقارنة بأعداد الشهداء والجرحى الذين أصبح معظمهم بعداد المعوقين” مشيرة إلى غياب خطة وطنية فى هذا المجال مبنية على أساس دراسة علمية ومنهجية تقوم على أساس البيانات الاحصائية الدقيقة.
واستعرض رئيس اتحاد علماء بلاد الشام عميد كلية الشريعة الدكتور محمد توفيق البوطي تجربته مع الطلبة من ذوى الاعاقة في الكلية وصعوبا ت التعلم لديهم داعيا الى بذل المزيد من العناية والرعاية بهذه الفئة.
بدوره قال عميد كلية التربية الدكتور طاهر سلوم إن “تطور المجتمعات يقاس من خلال ما تقدمه من رعاية لابنائها المعوقين وهذا الامر يحملنا مسؤولية جسيمة تتعلق بالاعاقة والمعوقين ومتطلباتهم ووضع التشريعات المناسبة لهم على أن تخضع للتطوير المستمر لتتماشي مع لغة العصر التكنولوجي والاجتماعي”.
وأضاف الدكتور سلوم.. إن كلية التربية أحدثت قسم التربية الخاصة ليخرج طاقات بشرية قادرة على التعامل مع المعوقين وذويهم حيث تخرجت الدفعة الاولى عام 2008 لتواكب سوق العمل مبديا الاستعداد للتعاون مع مختلف الجهات بقضايا الاعاقة والمعوقين وتبادل الخبرات بما يخدم هذه الشريحة.
بدورها طالبت ممثلة الطلبة ذوي الاعاقة فاطمة موسى الجهات المعنية بالمزيد من الرعاية والاهتمام بالمعوقين وتلبية احتياجاتهم وتأمين فرص العمل لهم لتحسين واقعهم ودمجهم فى المجتمع مؤكدة أن الاصرار والارادة هما سلاح المعوق لتجاوز الصعوبات والتخلص من النظرة السلبية تجاهه.
وعرض بعد ذلك فيلم وثائقى بعنوان /من أنا بنظركم / من اعداد الدكتور /اذار عبد اللطيف/ المختص في علم النفس لذوي الاحتياجات الخاصة تناول بعض التجارب الناجحة لمعوقين من سورية والدول الاخرى وكيفية تأقلمهم مع الحياة وتجاوز صعوباتها والاندماج في مجتمعاتهم ليختتم الفيلم بعبارة كتبت بقدم أحد المعوقين “الاعاقة ليست نهاية الحياة”.
وقدمت الخريجة الأولى في قسم التربية الخاصة بكلية التربية الطالبة المعوقة خولة مهنا لمحة عن تجربتها مع الاعاقة وتسلحها بالصبر والارادة لاكمال دراستها الجامعية بتشجيع من الاهل وأساتذتها.
وتخلل افتتاح الورشة مقطوعة موسيقية قدمتها مجموعة من معهد المكفوفين بدمشق وتم بعد ذلك توزيع هدايا رمزية على عدد من الطلبة المتفوقين ذوى الاعاقة.
وناقش المشاركون خلال فعاليات الورشة أبرز احتياجات ذوي الاعاقة واليات وضع رؤية وخطة وطنية للتخفيف من وطأة قضايا الاعاقة في المجتمع.
ودعا المشاركون إلى نشر ثقافة الإعاقة في الأسرة والمدرسة والجامعة وفي المجتمع كله وبين المعوقين أنفسهم بحيث يكون للإعلام دور كبير في مقاومة الاتجاهات السلبية تجاه المعوقين واستئصالها من نفوس الأولياء
مثل مشاعر الإثم والخجل وعذاب الضمير وغيرها ومساعدة المعوق على استعادة تقديره لذاته من خلال التأهيل النفسي وتشجيع الوالدين على دمج طفلهم المعوق مع الاخرين وتعريفهم بالحقوق والامتيازات التي يمنحها لهم القانون وتشجيع الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية الخاص بهم والتركيز في الجانب الصحي على موضوع الوقاية.
وأكد المشاركون ضرورة إدماج الأطفال المعوقين في رياض الأطفال العادية وتوعية المشرفين عليها بأساليب التعامل معهم وضمان وجود الكود الهندسي للأبنية والمنشات الحكومية والأماكن العامة بما يتناسب مع حاجاتهم وإحداث مكتب لمتابعة شؤون الطلبة المعوقين في الجامعات والمعاهد.
ولفت المشاركون إلى تطور الاهتمام بقضايا الاعاقة في العقود الأخيرة الماضية بشكل ملحوظ حيث تم التأكيد في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي اعتمدت عام 2006 ودخلت حيز النفاذ عام 2008 على ضرورة التحول من الطريقة التقليدية في التعامل مع ذوي الاعاقة التي تقوم على الأعمال الخيرية والطبية إلى الطريقة والنهج الذي يقوم على أساس حقوق الإنسان وضرورة ضمان تمتع الأفراد المعاقين بنفس معايير المساواة والحقوق والكرامة التي يتمتع بها جميع الأفراد الاخرين.
بدورها بينت الدكتورة مها زحلوق أستاذة في كلية التربية أهمية إحداث قسم التربية الخاصة في الكلية كقسم متخصص وذلك لتلبية حاجة المجتمع المتزايدة للقوى البشرية ذات الكفاية العلمية اللازمة للعمل في المجالات التربوية والنفسية وفي التخصصات النوعية المتصلة بها وتزويد الطلاب بالمهارات والخبرات العلمية والتطبيقية التي تسمح بإعداد المعلمين المتخصصين في تعليم ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأضافت زحلوق.. ان الهدف من إحداث القسم إعداد الكوادر البشرية المتخصصة في مجال التربية الخاصة وفق المعايير المهنية لمعلمي التربية الخاصة بحيث يلبي احتياجات ومتطلبات سوق العمل في تلك التخصصات المختلفة وتقديم الخدمات الأخرى المساندة التي تخدم الأفراد ذوي الاعاقة وأسرهم والمجتمع إضافة إلى استحداث برامج للدراسات العليا في ميدان التربية الخاصة لدراسة مشكلات ذوي الاحتياجات الخاصة وتربيتهم وتأهيلهم ورعايتهم وإجراء ودعم وتشجيع البحوث والدراسات العلمية في ميدان التربية الخاصة لتحسين وتطوير أساليب تعليم وتربية ذوي الاعاقة.
من جهته رأى نائب عميد كلية التربية الدكتور كمال بلان أن الاحتياجات النفسية والاجتماعية لذوي الاعاقة تشمل الحاجة إلى الأمن والأمان والتحرر من القلق على الصحة والعمل والمستقبل وإلى إثبات الذات والشعور بالعدالة الاجتماعية والاعتراف بهم كشريحة مهمة بالمجتمع وتقبلهم واحترامهم موءكدا أهمية تعديل نظرة المجتمع نحو المعوقين الى جانب توفير الوسائل الثقافية لهم في مجالات المعرفة المتعددة والتي تتناسب مع نوع إعاقتهم وحدتها والدعم النفسي الاجتماعي من قبل الأسرة والمدرسة والجامعة والمجتمع كله.
وأوضح بلان أن المعوقين بحاجة إلى الدعم الأسري من خلال تقبل الأهل للطفل المعوق كما هو والاعتراف بإعاقته وعدم مطالبته بما لا يقدر على أدائه وتعزيز إمكانياته والطاقة الكامنة لديه محذرا الاهل من إنكار الإعاقة الموجودة لدى طفلهم أو رفضهم له وإهماله أو حمايته حماية مفرطة يوءثر تأثيرا سيئا في نموه الحركي والمعرفي.
وأكد بلان أهمية وضع خطة تكون قادرة على تلبية الاحتياجات المختلفة للمعوقين من خلال مجموعة من المبادئء الأساسية المتمثلة بالاكتشاف والتدخل المبكر لتقديم الخدمات المناسبة للطفل المعوق وإعطاء الأولوية لتلبية الاحتياجات الاجتماعية والتواصلية والتدريب على المهارات المختلفة وتقديم هذه البرامج من قبل مختصين في التربية الخاصة أو الإرشاد النفسي أو علم النفس والتدريب المستمر للعاملين مع الأطفال المعوقين وتدريب أسر هوءلاء الأطفال على تطبيق البرامج في المنزل والتقويم المستمر لأدائهم في البرامج لمعرفة مدى فعاليتها وإجراء التعديلات اللازمة عليها واستمرار الخدمات الخاصة المقدمة للأطفال المعوقين وعدم توقفها عند سن معينة أو انتهاء مرحلة تعليمية أو تدريبية معينة.
من جهته بين مدير السكان في الهيئة السورية لشوءون الاسرة والسكان وضاح الركاد “أنه لا توجد احصاءات دقيقة حول عدد المعوقين في سورية بسبب عدم الجدية في البحث الدقيق واستقصاء حالات الإعاقة وعدم تصريح الأهل بوجود أطفال معوقين في المنزل لكثير من الاعتبارات الاجتماعية” لافتا إلى ارتفاع نسبة المعوقين في سورية نتيجة الازمة إضافة إلى تعرض عدد من المراكز التي ترعى المعوقين لأعمال التخريب والنهب وتوقف الكثير من المؤسسات عن تقديم خدماتها.
وأوضح الركاد أن عدد البطاقات الممنوحة للمعوقين بلغ حتى تاريخه /191289/ بطاقة موزعة على المحافظات جميعها حيث تشكل نسبة الاعاقة الحركية منها /42/ بالمئة.
من جهتها عرضت مديرة القضايا الاسرية في الهيئة رنا خليفاوي مواد القانون رقم 50 لعام 2004 الذي عملت الحكومة من خلاله على تعزيز إدخال قضايا الاعاقة قي الخطط والبرامج الوطنية.
كما أشارت المديرة التنفيذية في المنظمة السورية للمعوقين امال ماري كلود الى البرامج التدريبية التي تعمل المنظمة من خلالها على صقل المهارات للاختصاصيين العاملين في مجال إعادة تأهيل ذوي الاعاقة بالتعاون مع مختلف الجمعيات والهيئات العاملة في هذا المجال.
ولفت الدكتور نائل رستم من مؤسسة الشهيد إلى الخدمات التي تقدمها الموءسسة التي تأسست العام الماضي للجرحى والمصابين إضافة إلى الرعاية المادية والمعنوية لذوي الشهداء وذوي الإعاقة.