لم يكن مستغرباً أن يدعو وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس من جديد إلى العدوان على سورية تحت حجج وذرائع واهية على شاكلة «إنقاذ مدينة حلب».
فالمتتبع للمواقف الفرنسية الصادرة عن فابيوس وقبله الرئيس هولاند يدرك أن الاثنين ينطلقان من خلفية استعمارية واحدة تحنّ إلى الماضي ولاسيما بعد أن لاحت لهما الفرصة المؤاتية مع وجود إرهابيين وأدوات تخدم هذه المخططات.
لقد سمعنا «النغمة» الفرنسية النشاز نفسها على لسان هولاند وشريكه في دعم الإرهاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نهاية الشهر الماضي، وها هو مهندس دعم الإرهاب رئيس الدبلوماسية الفرنسية يعاود الطرح مرة أخرى بلبوس جديد ملتبس لا يخفي حقيقة الهدف وهي إنقاذ التنظيمات الإرهابية في حلب وتقديم المزيد من أوراق الاعتماد للجانب الأمريكي.
سابقاً كانت الدبلوماسية الفرنسية تتميز بأنها الأبعد عن واشنطن مقارنة بنظيراتها الأوروبيات، باستثناء «مواسم» وئام خلال رئاسة شيراك، لكن هذه الدبلوماسية اليوم ذهبت في التبعية العمياء إلى أبعد حد، بل إنها تجاوزت عواصم الغرب في التماهي غير اللائق بها وبمكانتها.
نقدّر أن الرئيس هولاند الذي يعاني الأمرّين بسبب سياساته وتسجيله أرقاماً غير مسبوقة في تاريخ الرؤساء الفرنسيين الأقل شعبية يحاول اتخاذ مواقف «جريئة» ومتقدمة وتسجيل أهداف ضد خصومه السياسيين في الداخل الذين يأخذون عليه تردده وتقزيم دور فرنسا الدولي، لكن المجازفة والتغريد خارج السرب لن يصنعا دوراً أو يرفعا شعبية.
ثمة معطيات وحقائق فيما يخص الأزمة في سورية دفعت العديد من الدول إلى التركيز في التعاطي على منطق المسار السياسي الذي يفضي إلى حل سياسي، وبهذا السياق تُبذل جهود كبيرة من أصدقاء سورية الحقيقيين، لكن على ما يبدو فإن صناع السياسة الفرنسية لم يقرؤوا ذلك بعد ومازالوا يراهنون في الوقت الخطأ وعلى الأدوات الخاطئة نفسها التي اكتشف العالم كله مدى خطورتها ليس على سورية فحسب بل على المنطقة والعالم.
بقلم: شوكت أبو فخر