دمشق-سانا
ظهر الشاعر الفنان في الأدب العربي بشكل واضح منذ جبران الذي عرف أديبا قبل أن يكون رساما وكانت اللوحة هي القصيدة التي لم يكتبها بالكلمات أما الفنان محمد أسعد سموقان فهو الرسام التشكيلي الذي يكتب الشعر ويرسم بالكلمات لتكون القصيدة هي اللوحة التي لم ينجزها باللون فرسمها بالحروف والكلمات.
ويوضح سموقان في مقابلة مع سانا أن الرسم يشبه الشعر وهو عملية بناء يواجه فيها الفنان اللوحة القماشية كما يواجه الشاعر الورقة البيضاء فيؤسس على القماش كما يؤسس على الورق فالأساس مهم إن كان لونا أو خطا أو تكوينا مبينا أنه يعمل على المخفي واللامرئي في اللوحة وما بين السطور في القصيدة.
ويقول سموقان: “ابدأ بلا مخطط محدد.. ابني الأشكال والألوان فتتجاور وتتراكب فوق بعضها أحذف وأضيف وأترك للصدفة دورها فتتوالد الأشكال ضمن سياقات حيث تتجمع وتتحد في سياق كلي الذي هو العمل المفعم بدلالات لانهائية”.
ويبين سموقان أن التقارب بين الفنون يغريه كثيراً وخاصة بين الفنون البصرية والسمعية حيث أقام مرة معرضا لأعماله تحت عنوان رسم وتشكيل في المركز الثقافي الروسي بدمشق فعرض اللوحات والأشعار تحت عنوان “رسم وشعر” بغرض دعوة المشاهد ليرى القصيدة كما يرى اللوحة وليسمع صدى الشكل كما يسمع صدى الكلمات.
ويضيف سموقان: “رأيت ان الكلمة قد تكون دليلا للمشاهد لها قوة اللون فقصائدي مثل لوحاتي التي عشت معها وعرفت كيف أعشقها وأداعب جسدها وأشم رائحتها التي تفوح منها لذلك العلاقة كبيرة بين لوحتي والقصيدة التي أكتب لجهة التكوين والبناء ودلالة شكل الحرف فلكل من الكلمة واللون شكل له وظائف عديدة ولوحتي هي نص غني بالإشارات التي يتلقاها المشاهد بكل حواسه”.
ويجد سموقان في الفكر السوري الأول الذي سبق العالم بمعطياته موضوعا رئيسيا لفنه وشعره بدءا من أساطير أوغاريت وجلجامش وأساطير بلاد الرافدين غير أنه يجد أن التعامل مع المواضيع التاريخية يحتاج إلى ثقافة ليمسك المشاهد بمفاتيح العمل التشكيلي.
ويرى سموقان أن العمل التشكيلي يمتد على محورين تاريخي له علاقة بسورية وأساطيرها والتي تسمح بتعريف اللوحة أنها لفنان سوري من خلال طريقة رسم الشكل وتوضعه ضمن السياق الكلي ومحور آخر يتمثل بأسلوبه الذي نما تدريجيا وهو الأمر كذلك عندما يحاول كتابة قصيدة ما فلا يستطيع أن يخرج من خصوصية ميزت طريقته التعبيرية.
ويشير سموقان إلى أن العنصر في النص الأدبي أو التشكيلي قد يحمل خصوصية ما لها علاقة بهويته من حيث الشكل والدلالات التي يتضمنها من الخصب والحب والحياة والإشراق والنور.
أما الحداثة في التشكيل فيجد سموقان انها تتقدم على مثيلتها في الشعر كون الحداثة ترتبط بشكل أكبر بالشكل وتغيراته فالشكل هو القائد للمعرفة والصورة تنضح بالدلالات.
وحول قدرة الفن والشعر والأدب على أن تكون خلاصا للبشرية يرد سموقان “عندما ترقى حواس الإنسان السمعية والبصرية يصبح إنسانا ساميا فللحواس دورها الأساسي في دعم عملية التواصل مع الأشياء والأفراد والبحث والاكتشاف والتعلم والتعرف على ماهية الأمور فلكل حاسة وظيفة خاصة بها تتكامل مع وظائف الحواس الخمس الأخرى”.
والفنان سموقان عضو اتحاد الفنانين التشكيليين ولديه العديد من المعارض في سورية وألمانيا وفرنسا وله عدة مشاركات في معرض كاروسيل بمتحف اللوفر في باريس ويكتب القصة والشعر والنقد التشكيلي في الدوريات المحلية والعربية.
بلال أحمد