الشريط الإخباري

الموسيقية جمان عمران: الموسيقا السورية تقاوم الظروف الصعبة

دمشق-سانا

تجتهد عازفة البيانو جمان عمران لحجز مكان لها على الخارطة الموسيقية السورية من خلال مشاركاتها في الحفلات الموسيقية الكلاسيكية إلى جانب تدريسها العزف على آلة البيانو لفئات عمرية متنوعة وللتعرف على مشروعها الموسيقي كان لـ سانا هذا الحوار معها.

.. ما علاقتك بآلة البيانو؟

– تختلف علاقتي بآلة البيانو حسب المراحل العمرية التي مررت بها، ففي مراحل الطفولة كانت آلة البيانو مجرد آلة موسيقية تمتلك صوتاً يستهويني وتمنيت كطفلة أن يأتي يوم وأتمكن فيه من العزف عليها باحتراف كامل، ولكن يوماً بعد يوم أصبحت هذه الآلة جزءاً من كياني وحياتي بسبب روتين وحتمية التدريب اليومي، ثم بدأت تعني لي بشكل شخصي وكأنها شيء لا يمكن الاستغناء عنه، ولكن خلال سنوات الدراسة وما بعدها أصبحت هذه العلاقة أكثر نضجاً بعد أن بدأت أدرك وبشكل علمي ما يقدمه التدريب اليومي على هذه الآلة للدماغ البشري وخاصة في مرحلة الطفولة.

.. ما مشروعك الفني وطموحك في عالم الموسيقا وأين تجدين نفسك اليوم من هذا المشروع؟

– يكمن مشروعي وطموحي بأن أكون ممن يعملون على إبقاء الموسيقا الكلاسيكية مألوفة بين الجمهور الشرقي، سواء من خلال الحفلات التي أقدمها أو من خلال الدروس التي أعطيها لطلابي، ليصبح هذا النوع من الموسيقا جزءاً ولو بسيطاً من كيان الطلاب الذين أدرسهم، خاصة أنه بعد الأزمة هناك جيل لا يعرف، أو لم تسمح له الفرصة بالتعرف أو الاستماع إلى هذا النوع من الموسيقا رغم وسائل التواصل والاتصال، لأنها موجهة لتسويق نمط معين من الموسيقا..واليوم ما زلت في الخطوات الأولى من هذا المشروع لأنه يحتاج إلى الكثير من العمل والتحضير وأهم شيء هو التحلي بالصبر.

.. أنت عازفة ومدرسة، أين تجدين نفسك أكثر، وأي مجال يأخذ منك على حساب الثاني؟

– رغم اعتقادي لفترة من الزمن بأني عازفة فقط أو هذا ما كانت توحيه لي نفسي الداخلية، و لكن في لحظة ما اكتشفت بأني مدرسة وعازفة في ذات الوقت، و اكتشفت كم أن كلا المجالين يرفدان بعضهما ليصبا في النهاية في بوتقة واحدة وهي “ذاتي”، مع كل ما يحمله ويتطلبه كل مجال من جهد وتعب واستنزاف للجسد والذهن، وكوني مدرسة أعطاني الفرصة لأصبح مدرسة نفسي وناقدتها، والنظر إلى أي عمل موسيقي أقوم به من وجهة نظر المراقب والناقد للشيء والبحث لوضع الحلول لأي خطأ أو ضعف، إضافة إلى أني أتعلم في كثير من الأحيان من أخطاء طلابي ما يحفز دماغي لفهم ماهية وسبب هذه الأخطاء، فليس بالضرورة أن تكون الأخطاء نتيجة قلة في التدريب أو في استيعاب المعلومة فقط، بل من الممكن أن تكون ناجمة عن خطأ في طريقة التفكير ومعالجة المعلومة، أو حتى في الافتقار أحيانا إلى إمكانية الربط بينهما.

.. كيف أثرت الأزمة التي تمر على سورية فيك كموسيقية؟
_ ولدت الأزمة شعوراً بالتحدي لدي، رغم صعوبة الظروف في كل نواحي الحياة، وليس الموسيقا فقط، الأزمة بكامل ثقلها بما تحمله من أمور سلبية ولدت دافعاً للعمل أكثر ومحاولة تحقيق شيء ما سواء على صعيد التدريس أو العزف أو التدريب، فلم تدفعني الأزمة إلى الاستسلام لقساوة الظروف وللمشاعر السلبية التي يولدها أي خبر سيئ أو تفجير أو حتى قصص الموت المحيطة بنا، لأدرك ولو بشكل غير واع أحياناً أننا على شفا حفرة من الموت فما الذي أستطيع تقديمه في هذه اللحظة سواء على الصعيد النفسي لذاتي لأنتشلها من قساوة الواقع أو على الصعيد الاجتماعي الذي يحيط بي وبطلابي.

.. هل هو الاستسلام أم الانتظار أم المحاولة لتقديم شيء ولو بسيط في مجال الموسيقا الكلاسيكية؟ فنحن في نهاية المطاف محكومون بالأمل. كيف ترين واقع الموسيقا في سورية في ظل الأزمة بشكل عام؟

– الموسيقا جزء من الحالة الثقافية في المجتمع، ومن الطبيعي أن تتأثر بأي أزمة يمر بها هذا المجتمع، وعند الاطلاع على واقعنا الموسيقي نجد أنه رغم كل الظروف استطاع مقاومة جزء كبير من هذه الظروف السلبية وما زالت الموسيقا تتقدم ولو ببطء في بعض الأحيان إلا أنها ما زالت حية.

.. ما نظرتك لواقع الفرق الموسيقية السورية اليوم وماذا تحتاج لتستمر وتتطور؟

– هناك اجتهاد كبير للفرق الموسيقية السورية سواء ذات الصبغة العربية أو الغربية لتقديم مادة فنية للجمهور، خاصة أن هناك إقبالا كبيرا على الحفلات كنوع من الخروج عن الواقع الذي نعيشه، لكنها حتى تستمر تحتاج لأن يكون عندها القدرة لفهم ما الذي يشد الجمهور والانطلاق من الموروث وتجديده، وفي الحقيقة معظم الفرق تقوم بهذا الدور في محاولة للارتقاء بالذوق العام.

.. هل أنت متفائلة بمستقبل الموسيقا في سورية؟

– نعم متفائلة بمستقبل الموسيقا لأنه ما زال هناك موسيقيون يحاولون رغم كل الظروف تقديم شيء ولو بسيط سواء على صعيد التدريس أو التأليف أو العزف،وما زاد من تفاؤلي أن عدد الأهالي الذين يحاولون ادخال أولادهم لتعلم الموسيقا يزداد يوماً عن يوم رغم قساوة الظروف وصعوباتها فإنهم يقضون كامل يومهم في توصيل أولادهم إلى المعهد لدرجة أنه لم يبق لهم أي حياة خاصة، وكأنها دعوة لعدم الاستسلام، يجب أن تستمر الحياة على هذه الأرض فسورية مهد الحضارات ويجب أن تبقى.

* الموسيقية جمان عمران من مواليد دمشق خريجة المعهدين العربي والعالي للموسيقا اختصاص بيانو وتحمل إجازة في الأدب الانكليزي وماجستير تأهيل وتخصص في التربية الموسيقية من جامعة دمشق، مارست التدريس لمادة الموسيقا منذ عام 2005 ودرست الصولفيج والعزف على آلة البيانو في معهد صلحي الوادي.

* شاركت عمران بحفل بيانو ثنائي ضمن فعاليات أسبوع البيانو في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق مع الخبيرة الروسية سفيتلانا الشطة وشاركت بحفل مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية كعازفة بيانو سولو بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان، وقدمت مؤخراً حفلاً موسيقياً بمصاحبة عازف الباصون طوني الأمير في دار الأسد.

محمد سمير طحان

انظر ايضاً

كمال الغجري يعكس تعلقه بالموسيقا من خلال مكتبة لعمالقة الفن والطرب

السويداء-سانا على مدى أربعين عاماً أسس كمال الغجري ضمن منزله في السويداء مكتبته الخاصة بعمالقة …