الشريط الإخباري

القمم الاقتصادية والمتغيرات الدولية؟!. بقلم: أ.د. حيان أحمد سلمان

 تشهد الساحة العالمية انعقاد الكثير من القمم (الاقتصادية والسياسية) ونذكر أهمها: القمة العربية في جدة – قمة الدول السبع في اليابان – القمة الصينية مع دول آسيا الوسطى في الصين- قمة البريكس – قمة شنغهاي – قمة دول الاتحاد الروسي، ولكل هذه القمم لبوس سياسي لكن جوهرها اقتصادي وتعبر عن تغير معالم القوة الاقتصادية العالمية، وتأتي هذه القمم منسجمة مع زيادة فعالية (الصين وروسيا) والدول المتحالفة معهما مثل (سورية وإيران) وغيرهما على الساحة العالمية، وهنا نقتبس بعض ما ورد في كلمة السيد الرئيس بشار الأسد في القمة العربية 32 في السعودية حيث قال سيادته: “التهديدات فيها مخاطر وفيها فرص، ونحن اليوم أمام فرصة تبدل الوضع الدولي الذي يتبدى بعالم متعدد الأقطاب كنتيجة لهيمنة الغرب المجرد من المبادئ والأخلاق والأصدقاء والشركاء، وهي فرصة تاريخية لإعادة ترتيب شؤوننا بأقل قدر من التدخل الأجنبي وهو ما يتطلب إعادة تموضعنا في هذا العالم الذي يتكون اليوم كي نكون جزءاً فاعلاً فيه مستثمرين في الأجزاء الإيجابية الناشئة عن المصالحات التي سبقت القمة وصولاً إليها”.

وقدم سيادته اقتراحات لإيجاد فضاء عربي اقتصادي موحد، كما حدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتاريخ 25-5-2023 أولويات واتجاهات عمل الاتحاد الأوراسي خلال اجتماع قادة الاتحاد الأوراسي الذي يضم (روسيا وبيلاروس وأرمينيا وكازاخستان وقرغيزستان)، وقدم اقتراحات لفضاء أوراسي موحد، وأكد الرئيس الصين (شي جين بينغ) أن اجتماع الاتحاد الأوراسي يتوافق مع الذكرى السنوية العاشرة لطرح مبادرة (الحزام والطريق)، وهكذا يتبين لنا أن الرؤساء الثلاثة أكدوا أنه لا بد من رفض القطبية الأحادية وتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التعاون والمنفعة المشتركة ومواجهة التحديات بين كل دول العالم ..إلخ، وهنا نسأل ماذا لو تكاملت هذه الأسواق وتحولت إلى سوق إقليمية كبيرة تضمن استقرار سلاسل التوريد للمنتجات الاستثمارية والاستهلاكية وضمان انسياب السلع والخدمات والرساميل والخبرات؟، ولكن هل من السهولة تحقيق تكامل هذه الأسواق وخاصة مشروع الحزام والطريق والذي يربط أكثر من 100 دولة مع بعضها البعض؟، وخاصة أننا نرى زيادة التوترات الدولية والتحالفات الجيوسياسية ضدها، ولا سيما من قبل الدول الغربية (أمريكا والاتحاد الأوروبي) ومؤسسات مالية مثل (صندوق النقد والبنك الدوليين)، وقد اعتمدت هاتين المؤسستين التضليل الاقتصادي حيث أكدا أن موقفهما العدائي هو بسبب أن المشروع الصيني العملاق سيزيد من الأعباء المالية على الدول الفقيرة ويزيد من ديونها أيضاً!، ولكن الوقائع تؤكد أن الصين وروسيا وبعض الدول العربية قدمت مساعدات نقدية ومالية وعينية  لهذه الدول، وألغت الصين الكثير من ديونها، ومن جهة ثانية وفيما يخص مشروع  (طريق الحرير) فإن (اليابان) طرحت سنة 1998 مشروعاً لإحياء طريق حرير خاص بها يربطها مع دول آسيا الوسطى وحظي هذا المشروع بالدعم الأمريكي والأوروبي؟!، وأيضاً في سنة 2011 اقترحت وزيرة الخارجية الأمريكية (هيلاري كلينتون) مشروع (طريق الحرير الجديد) خلال زيارتها للهند…إلخ.

مما سبق يتبين أن المتغيرات الاقتصادية الدولية فرضت وقائع جيوسياسية جديدة على الساحة العالمية، وأن الأهداف الأساسية للسياسة الغربية تتجلى في استمرار القطبية الأحادية ووقف التمدد الاقتصادي الصيني والروسي وحلفائهما، وأن ربط منطقة أوراسيا مع الصين مع الأسواق العربية سيسمح بربط سوق يغطي على الأقل نحو 70% من سكان العالم و80% من موارد الطاقة و50% من الناتج القومي المحلي في العالم.. كما أن الصين خصصت 50 مليار دولار للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (وبنك بريكس للتنمية الجديد) بهدف دعم المشاريع التنموية في منطقة طريق الحرير بما يساهم في تحقيق  مكاسب اقتصادية كبيرة وعلى مبدأ (رابح – رابح) من خلال [فتح أسواق جديدة وفرص تسويقية جديدة وتحسين البنية التحتية ومرافق النقل والمواصلات و تعزيز الصناعة وتأمين انسياب الطاقة والموارد الأولية لهذه البلدان، وستوفر الاتصالات الجديدة وصولاً أسهل إلى الصناعات الصينية…]، ويرتبط بمشروع الحزام والطريق أكثر من 100 دولة ومنظمة اقتصادية، وسيكون لهذا المشروع تأثير كبير على منطقتنا العربية حيث أكد تقرير صادر عن وزارة الخارجية الصينية أن الصين وقعت وثائق تعاون بشأن البناء المشترك للحزام والطريق مع 20 دولة عربية ومنها سورية، وهذا سيساعدنا في تفعيل عملية إعادة الإعمار والبناء ومكافحة الإرهاب وتحقيق التنمية والازدهار، وكما قال السيد الرئيس في مؤتمر القمة العربية: “ونحن نعقد هذه القمة في عالم مضطرب فإن الأمل يرتفع في ظل التقارب العربي العربي والعربي الإقليمي والدولي”.

انظر ايضاً

دعم واشنطن للعدوان الإسرائيلي.. وحساب الربح والخسارة!… بقلم: جمال ظريفة

لا وصف لما منيت به السياسة الأمريكية في الآونة الأخيرة بعد الانخراط بالعدوان على غزة …