الشريط الإخباري

الأم السورية.. بسمة حب وساحة عطاء لا تنضب في كل الظروف

اللاذقية-سانا

في عيد الأم تتجدد الذكريات ومشاعر الفخر والاعتزاز، والذي يمر هذا العام في ظروف استثنائية صعبة جراء كارثة الزلزال، حيث إن المرأة السورية التي سطرت أعظم قصص التضحية وملاحم العطاء في عشق الوطن أثبتت اليوم أنها أكثر عزيمة على تجاوز محنة الزلزال.

كوثر كوسا والدة الشهيد الإعلامي علي عباس الذي اغتالته مجموعة إرهابية في منزله بريف دمشق عام 2012 فكان شهيد كلمة الحق، ونموذجاً للإعلامي الوطني المقاوم المعطاء في عمله والعاشق لوطنه.

وفي عيد الأم أصبحت لوالدة الشهيد طقوس مختلفة في إحياء هذا اليوم عما كان قبل استشهاده حيث قالت: “أستيقظ في الصباح الباكر لأقطف وروداً جورية وأغصان الرياحين والغار وأعدها في باقات عديدة، فزوار الشهيد علي كثر والكل يريد أن يضع الورد على ضريحه، وخصوصاً الأطفال فأجتمع أنا وأبنائي وأحفادي وجيراني ومن يود مشاركتي لنضع الورود ونشعل البخور ونقرأ الفاتحة على روحه وأرواح شهداء سورية أجمعين، وندعو لأرواحهم بالرحمة والسلام لأقوم بعدها بتوزيع الحلوى على الجميع”.

وما بين نشوة الفخر وألم الفراق وقوة التماسك وحنين الذكريات تمسح دمعة انهمرت لتقول: “الشهيد علي حي بيننا فذكراه لا تبارحنا، حيث أقدم مساعدات مالية وعينية للمحتاجين ليبقى اسمه باقيا وذكراه خالدة في قلوبنا وأرواحنا”.

أنيسة حريبة والدة الشهيد النقيب باسل طالب أحمد الذي ارتقى أثناء تأدية واجبه في درعا عام 2014 تستذكر ابنها الشهيد بدموع ملؤها الفخر والاعتزاز، وتقول: “كان دائماً يزورني في عيد الأم أما الآن فإنني أزوره في قبره حاملة له الورود والرياحين والبخور وأحيا على ذكراه وعلى قصص بطولاته وتضحياته التي يرويها لي أصدقاؤه الذين أفتش عليه في وجوههم وأتنشق رائحته في حديثهم”.

وتضيف: “إن ابني لم يمت فالشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، ويكفيني أنه قدم روحه ودماءه فداء للوطن لنحيا بأمان ورغم ألم الفقدان والفراق الذي يصعب وصفه إلا أنه عندما ينادي الوطن ترخص له الأرواح”.

ويمر عيد الأم على السيدة ازدهار مصطفى والدة الشهيد غفار حكمت سعيد مثقلاً بالذكريات والحنين لفلذة كبدها وابنها البكر، الذي استشهد جراء العدوان الجوي الإسرائيلي على عدد من النقاط في المنطقتين الوسطى والساحلية في الـ 19 من تشرين الثاني 2022، لتستمد قوتها وتصميمها على المضي قدماً في الحياة من طفله ورد البالغ من العمر عاماً ونصف العام.

وتشير السيدة ازدهار إلى أن استشهاد ابنها مصدر للفخر والاعتزاز، وهو الذي ضحى بروحه في سبيل غاية أسمى وأكثر نبلاً على الرغم من الغصة والجرح الكبير الذي سيظل ينزف لآخر العمر، موضحة أن حالها لا يختلف عن حال مئات وربما آلاف الأمهات السوريات اللواتي ضحين بأبنائهن فداء للوطن.

وفي كارثة الزلزال ورغم الآلام التي واجهتها الأم المكلومة منيرة عبد الله التي فقدت ابنها وزوجته وأولاده الثلاثة إثر انهيار منزلها في مدينة جبلة فقد جسدت بعزيمتها وإرادتها كل معاني القوة والصبر لتنهض من جديد وتؤدي واجبها تجاه عائلتها بمؤازرة من زوجها وأبنائها ومعارفها ممن يمتلكون أيادي بيضاء وقلوباً حانية ومحبة مضيفة: “إن الحياة لا بد أن تستمر، ولذلك ليس علينا النظر إلى الخلف إلا بما يقوي عزيمتنا في مواجهة هذه الكارثة في المستقبل”.

ولأن الأمومة عطاء وتضحية فإنها لا تنحصر بالأسرة وتربية الأولاد فقط ولكنها رسالة وميدان عطاء وتفان يمكن لأي سيدة أن تؤديها في مجتمعها وفقاً للسيدة روميلا بيشاني التي جسدت هذه المعاني بالعمل الخيري طيلة سنوات الحرب الإرهابية على سورية والتطوع دون أي مقابل لإعداد الطعام لأهلنا الوافدين من محافظة حلب ولمدة سبع سنوات متواصلة، وها هي اليوم تواصل إعداد الطعام لأهلها وجيرانها المتضررين من كارثة الزلزال في مدينة اللاذقية في مركز الإيواء بمدينة الأسد الرياضية.

وتقول السيدة بيشاني: “إنها استلهمت من الأمومة قيمة العطاء لتجد في عملها بالميدان التطوعي الخيري تجسيدا لدورها تجاه مجتمعها ووطنها”، مؤكدة أنه على الرغم من مرضها وآلامها في مفاصلها وعمودها الفقري إلا أنها كانت تخرج من بيتها في قرية الشبطلية بريف اللاذقية في الصباح الباكر لتعود في أحيان كثيرة منتصف الليل مدفوعة بتشجيع أسرتها ودعمهم وفخرهم بعملها.

وتجسد رئيسة مجلس إدارة جمعية إيثار الخيرية في اللاذقية دعد العجي نموذجاً للأم السورية المعطاءة التي قدمت ولا تزال في سبيل بلسمة جراح المحتاجين والمتضررين وتقول: “إنها بدأت عملها التطوعي مع بداية الحرب الإرهابية على سورية من خلال تقديم المساعدة والرعاية لعناصر الجيش العربي السوري، والتواجد معهم في خطوط القتال الأولى وزيارتهم في المشافي وزيارة عائلاتهم وتقديم الرعاية اللازمة لهم حتى أصبحت تربطهم علاقات صداقة وأخوة وطيدة بينهم”.

وامتد عمل العجي التطوعي من خلال الجمعية إلى المساهمة في التخفيف من آثار كارثة الزلزال والتواجد في الساحات ومراكز الإيواء وتقديم المبادرات المتعددة للمتضررين في مركز الجمعية، والإشراف على مراكز الإيواء وتقديم مختلف الخدمات والمساعدات الإنسانية لهم.

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency

انظر ايضاً

تكريم 300 من أمهات الشهداء والجرحى والمعلمين بالسويداء

السويداء-سانا كرمت مؤسستا الشهيد والمثقال ومديرية التربية بالسويداء اليوم 300