الشريط الإخباري

(لماذا فشلت الليبرالية)… كتاب يكشف دور هذا التيار في انهيار القيم الأخلاقية

دمشق-سانا

لن تصمد دعاوى ونظريات جاء بها مفكرون وسياسيون غربيون للترويج لليبرالية الحديثة أمام النقد العلمي والموضوعي الرصين كما فعل الفيلسوف الأمريكي باتريك دينين أستاذ العلوم السياسية في كتابه “لماذا فشلت الليبرالية”.

وعندما صدر كتاب دينين أستاذ العلوم السياسية في جامعة نوتردام الأمريكية عام 2018 أثار عليه نقمة الليبراليين الجدد في أمريكا وأوروبا الغربية لأن هذا الفيلسوف استخلص أن الليبرالية بشقيها القديم والجديد حملت في قواعدها وأسسها بذرة فشلها.

ووفق ما جاء في الكتاب الذي نقله إلى العربية المترجم المصري يعقوب عبد الرحمن ونشرته سلسلة عالم المعرفة فإن الليبرالية الجديدة قامت على تقديس الفردية التي تضعف القيم الثقافية والأخلاقية المطلوبة لكي يعيش الناس مجتمعين بانسجام وفي الوقت نفسه أطلقت رؤوس الأموال للاستثمار دون أي كابح ما ساهم في تكون مؤسسات اقتصادية ضخمة أضعفت الحرية الفردية التي زعمت الليبرالية أنها جاءت لترسيخها وبينما زعمت أنها تروج للمساواة في الحقوق كانت في الواقع تعزز عدم المساواة المادية بصورة غير مسبوقة.

أما قيم المسيحية وأفكار الفلاسفة اليونانيين والكلاسيكيين والتي لعبت دوراً أساسياً في تطور مجتمعات الغرب وكانت تولي الاهتمام الأكبر للأخلاق بغرض ضبط الحرية الفردية فقد ابتعدت عنها الليبرالية كما يرى المؤلف فغدت حتى العلاقات الشخصية خاضعة لاعتبارات الخيار الفردي المرتكز على حسابات المصلحة الذاتية وبات الأفراد منفصلين ومستقلين ووحيدين ولا علاقة للإنسان بمحيطه.

وفي الكتاب يؤكد دينين أن منظري الليبرالية رفضوا الجهود الدينية والفلسفية لترسيخ الفضيلة وبنوا بدلاً منها رؤيتهم للفرد المشبع بالأنانية والجشع ما دفع بأفراد إلى إطلاق العنان لأطماعهم وتطلعاتهم الفردية تحت شعارات الحرية فاحتكروا الثروات وسيطروا على الأسواق ومارسوا الضغوط لإنشاء نظم حكم وإدارات بيروقراطية تخدم مصالحهم وتحقق أغراضهم على حساب الغالبية العظمى من الناس ونشر التكنولوجيا في صفوفهم ونشرها بينهم بأيسر السبل لدرجة صارت تتحكم بحياتهم.

الكاتب دينين الذي يرى في كتابه أن لا أحد يتولى الدفاع عن الليبرالية سوى أولئك الذين يستفيدون منها يتحدث عن غبن يطال المرأة في هذه المجتمعات حيث يطلب منها أن تتخلى عن بيولوجيتها وعن وظيفة الأمومة لأن الإنجاب يقيد من حريتها الفردية وفقا لدعاوي الليبراليين فانخفضت معدلات المواليد في الغرب وغدت المرأة في نهاية الأمر أداة إضافية لتعزيز رأسمالية السوق.

ويطلق دينين في كتابه وصف “الليبرالية معدومة الضمير” عندما يتحدث عن الليبرالية الجديدة والتي يشير إلى أنها انحازت إلى قوى السوق ومن يسيطر عليها من كبار الرأسماليين والاحتكاريين وإلى رغبتهم في تحقيق الربح دون الاهتمام بأحوال ومصالح الجموع الغفيرة من الفقراء الذين يشكلون أغلبية المجتمعات البشرية في زمننا الحالي.

ويشير دينين أيضاً إلى ما لحق بكوكب الأرض وموارده ومناخه من أضرار فادحة ومروعة جراء اندفاع الليبرالية الحديثة ليضيفها في النهاية إلى أن ما جره هذا الفكر من مساوئ سيكون أحد أسباب سقوطه داحضاً ما ذهب إليه أنصار الليبرالية الحديثة وأنها لن تكون النهاية الطبيعية للتطور السياسي البشري.

سامر الشغري